السعودية والحريري.. مؤشرات الطلاق!… عبدالكافي الصمد

كان يُفترض أن يصعد رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري أمس إلى قصر بعبدا، بعدما طلب موعداً للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، وفق سيناريو سُربت تفاصيله مسبقاً، يقضي بأنّ يُقدّم الحريري تشكيلة وزارية من 24 وزيراً لن تحظى على الأرجح برضى عون، الذي سيرفضها، ما سيدفع الحريري بعد خروجه من القصر الجمهوري، سواء في بيان أو بمقابلة تلفزيونية رُتّبت مسبقاً أيضاً وستجرى معه في اليوم نفسه، إلى إعلانه الإعتذار عن مهمّة التكليف.

لكنّ هذا السيناريو لم يحصل، أو على الأرجح تأجّل موعده بضع ساعات، بعدما اتصل الحريري بعون طالباً منه تأجيل الموعد الذي كان مقرّراً أمس إلى اليوم، “بسبب إلتزام طارىء للحريري”، وفق مصادر الأخير. وبرغم أنّ هذا الإلتزام الطارىء لم يحدد فإنّ معلومات أشارت إلى أنّ الحريري غادر، مساء أمس، إلى القاهرة من أجل لقاء الرئيس المصري عبد الفتّاح السّيسي، صباح اليوم، على أن يعود بعدها إلى بيروت، ويتوجه منها مباشرة إلى قصر بعبدا للقاء عون.

كان موعد الحريري مع السّيسي مقرّراً غداً الخميس، وكذلك ترجيح صعوده إلى قصر بعبدا بعد عودته من القاهرة، للإطلاع من الرئيس المصري على آخر جهود الوساطة التي بذلها مع السعودية بهدف رفع الفيتو الذي وضعته عليه، شخصياً وسياسياً ومالياً، قبل إقدامه على اتخاذ خطوته الأخيرة، إمّا الإعتذار، أو التعلّق بـ”قشّة أمل” علّها تنقذه في آخر لحظة.

لم يُعرف بعد سبب هذا التبدّل الطارىء في المواعيد، إلا أنّ مستجدات ما حصلت لم يُكشف النّقاب عنها بعد، تزامنت مع محاولات يقوم بها الحريري لاستنزاف الوقت حتى آخر لحظة، لعلّه يعثر فيها على مخرج لتأليفه الحكومة، ينال فيه رضى السّعودية ودعمها، وعلى نقاط التقاء وتفاهم الحدّ الأدنى مع عون، لإخراج أزمة تأليف الحكومة من عنق الزجاجة.

غير أنّ عودة المياه إلى مجاريها بين الحريري ـ كما يتمنى ـ والسعودية يبدو مطلباً صعب المنال، بعدما صدرت من السعودية بضع مؤشّرات أكّدت بأنّ الهوّة بينها وبين الحريري ما تزال واسعة، ولم تردم بعد، وأنّ موقف الرياض من رئيس تيّار المستقبل ما يزال سلبياً.

المؤشّر الأوّل جاء عبر الإعلام السعودي، إذ ذكرت جريدة “عكاظ” أنّ “المرحلة في لبنان دقيقة وتحتاج إلى قيادة مختلفة، وبالتأكيد الحريري لا يمثلها”، مضيفة بأنّه “حان الوقت أن يترجّل ويترك الساحة لمن يستطيع أن يساعد لبنان للخروج من حقل الألغام الذي يسير فيه، وينقذ السّنّة من المرحلة الكارثية التي يمرون بها”، معتبرة أنّ “السّاحة السّنّية مليئة بشخصيات يمكن أن تقوم بهذه المهمّة العظيمة”.

أمّا المؤشّر الثاني فكان المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد الإثنين الماضي في مقرّ القوات اللبنانية في معراب، تحت عنوان: “لبنان – السعودية: إعادة تصدير الأمل”، في حضور رئيس حزب القوات سمير جعجع والسّفير السّعودي في لبنان وليد البخاري، ما أعطى إنطباعاً بأنّ جعجع هو رجل السّعودية الأوّل في لبنان، وليس الحريري الذي ما يزال البخاري يقاطعه، في خطوة تعدّ إمتداداً لمقاطعة المملكة له.

إطلالة الحريري الإعلامية المرتقبة عبر قناة “الجديد”، اليوم أو غداً، كانت المؤشّر الثالث على استمرار الحظر السعودي عليه. فقد اعتاد الحريري طيلة السّنوات الماضية على الإطلالة عبر محطتي “إل. بي. سي” أو “إم. تي. في”، وهما مقربتان ومدعومتان من الرياض، لكن عندما ينتقل الحريري منهما إلى قناة تلقى دعماً قطرياً، فيكفي ذلك للتأكيد أنّ رضى السّعودية على الحريري ما يزال بعيد المنال.

ما تقدّم يرجّح كفّة اعتذار الحريري على ما عداها، ويفتح أبواب البلد على المجهول، إلا إذا حصلت معجزة في اللحظات الأخيرة، في زمن ليس فيه للمعجزات وجود.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal