أزمة أوكرانيا تنعكس أزمة رغيف في لبنان… عبد الكافي الصمد

أزمة جديدة دخلت على خط الأزمات الطويل في لبنان، هي أزمة إستيراده القمح من أوكرانيا التي تحوّلت منذ يوم أمس إلى ساحة حرب ومواجهة عسكرية مع روسيا، ما ينذر بأزمة رغيف، في بلد متخم بالأزمات ولا تنقصه أزمات إضافية.

فعلى قاعدة المثل الشّائع أنّه “إذا حبلت في الصين فإنّها ستلد في لبنان”، إنعكست أزمة الحرب الدائرة في أوكرانيا على لبنان وغيره، كون أوكرانيا تصدّر إلى دول عدّة أكثر حاجاتها من القمح، حيث يستورد لبنان 80 في المئة من حاجته من القمح، وهي كميات مهدّدة بالتوقّف كليّاً، نظراً لأنّ المناطق والموانىء التي تنتج وتصدّر القمح الأوكراني قد أصبحت خارج الخدمة كليّاً.

وتتلخص الأزمة في أوكرانيا وانعكاسها على الرغيف في لبنان في النقاط التالية:

أولاً: يستورد لبنان 520 ألف طنّ من القمح من أوكرانيا، من مجمل حاجاته البالغة 650 ألف طن، أمّا الباقي فيستورده من دول الجوار لأوكرانيا، وهي روسيا ورومانيا ومولدوفيا. وفي ضوء تحوّل البحر الأسود، الذي تطلّ عليه هذه الدول، إلى ساحة حرب، فإنّ الكمية كلّها مهدّدة بالتوقف.

ثانياً: يصطدم سعي لبنان لاستيراد القمح من دول أخرى بعقبات عدّة. أبرزها أنّه أعلى سعراً من القمح الأوكراني، وأنّ الإستيراد من أوروبا وأميركا، مثلاً، يعني اللجوء إلى أسواق جديدة بالنسبة لمستوردي القمح، بالتالي نوعاً مختلفاً من التعاملات المالية التي تحتاج وقتاً أطول وتكلفة أكبر.

ثالثاً: مخزون لبنان من القمح بالكاد يكفي 20 يوماً، ما أثار مخاوف حول مصير هذا المخزون الإستراتيجي في الأيّام المقبلة، ونشوب أزمة رغيف، خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت والدمار الذي لحق بالإهراءات فيه التي كانت تستوعب كميات من القمح تكفي حاجة لبنان لمدّة 4 أشهر.

رابعاً: يتّبع مصرف لبنان سياسة المماطلة والتسويف في دفع ثمن شحنات القمح المدعوم التي يستوردها أصحاب المطاحن، تحت حجة الترشيد في إنفاق ما يملكه من عملات صعبة، على رأسها الدولار الأميركي، ما يفتح باب الأزمة على سيناريوهات عديدة وخطيرة.

خامساً: أبدى الكثير من أصحاب الأفران قلقهم من إنخفاض تسلّمهم  حصتهم من كمية القمح في الآونة الأخيرة، والتي تراوحت بين 30 ـ 40 %، أيّ أن إنتاج الخبز لديهم سينخفض بشكل ملحوظ، وبالتالي يكون لبنان قد سار أولى خطواته على طريق الأزمة.

سادساً: بات مؤكّداً في ظلّ هذه المعطيات أنّ سعر ربطة الخبز سيرتفع في الأيّام المقبلة، بحدود الضعف على أقل تقدير، وأنً أفراناً مهدّدة بإقفال أبوابها قسراً نظراً لاختفاء القمح من السّوق، أو ندرته في المرحلة المقبلة.

سابعاً: ما شهده ويشهده لبنان من أزمات على هذا الصعيد هو انعكاس لسياسة الدولة منذ نشأتها عام 1920، حيث لم تفكّر ولم تحاول الإهتمام بقطاعات إستراتيجية، مثل الزراعة والصناعة، التي تؤمّن الإستقرار والبدائل للبلد في زمن الازمات، وهي ما تزال تسير على النهج نفسه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal