درغام: لا قانون يحمي الفتيات من الجرائم التي ترتكب بحقهن يوميًا!

في ورشة حوار وطنية حول المسار التشريعي لقانون تحديد ‫سن الزواج‬ في لبنان”١٨ عاما”، وذلك استكمالًا للخطوات الواجب القيام بها لحين اقرار القانون في الهيئة العامة لمجلس النواب‬ ووضع القانون موضع التنفيذ، قال عضو تكتل لبنان القوي النائب اسعد درغام إنّه “وللأسف، نلتقي اليوم للبحث والتداول في مسألة بالغة الأهمية وهي السن القانوني للزواج في لبنان. ففي الوقت الذي كان من المفترض أن يكون لبنان، “بلد الثقافة والحضارة والتحرر والديمقراطية”، الذي نتغنى به، قد تخطى البحث في إقرار مثل هذه القوانين.  نكتشف أن الواقع مأساويا للغاية وأن القانون لا يحمي الفتيات من الجرائم التي ترتكب بحقهن يوميا تحت شعارات مختلفة، منها العادات والتقاليد.”

وأضاف درغام: ” قد يبدو للقارئ من الخارج أن ما نبحث به مسألة ثانوية، ولكن للأسف عند التعمق في هذا الموضوع نكتشف كم أن الموضوع مؤلم ومصدر قهر للعديد من الأطفال النساء في العالم العربي ومنها لبنان. فالأرقام التي يتم التحدث عنها عن الزواج المبكر للأطفال دون الثامنة عشر صادمة للغاية

وأردف يقول:” قبل البدء بالحديث عن المسار التشريعي، لا بد من أن أتوجه بالشكر، كل الشكر، للجهود الجبارة التي قام بها “التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني”، اللواتي كن سباقين في صياغة مشروع قانون يمنع زواج الأطفال ويحدد السن الدنيا للزواج بـ 18 سنة ويعاقب المخالفين، وبالرغم من أن القانون تم تقديمه من قبل النائب ايلي كيروز في العام 2017، الا أنه لم يقر لغاية اليوم، في الهيئة العامة للمجلس وهذا أمر مؤسف للغاية.

أيها الحضور الكريم، جميعنا متفقون على أن المرأة أساس العائلة وبالتالي أساس المجتمع ولكن، للأسف، كما بات معلوما لا يوجد في لبنان قانون مدني ينظم شؤون الأحوال الشخصية. بل الأمر متروك للمحاكم الدينية التي تحدد السن الدنيا حسب 15 قانونا للأحوال الشخصية، منها ما يسمح بزواج فتيات لا يبلغ عمرهن 15 سنة تحت ذرائع دينية.”

وأكمل: “هذا الأمر، بالغ الخطورة وله تداعيات إجتماعية سلبية وآثار نفسية تؤثر على النساء وبالتالي على الأم الطفلة، أي على العائلة ككل. إذ من المعلوم أن الفتيات اللواتي يتزوجن باكرا أكثر عرضة  للعنف الأسري، الاستغلال، والكثير من المشاكل… إن الأرقام التي نسمع بها أو الجرائم التي تحدث بين الحين والأخر من جراء تزويج النساء قبل بلوغهن سن 18 صادمة ومرعبة، وبحسب تقرير نشرته منظمة اليونيسف في العام 2016 بلغت نسبة النساء المتزوجات دون عمر الـ 18 عاما 6 في المئة.  فكيف هو الحال في العام 2023، وبعد الانهيار المالي والاقتصادي وما خلفه من مشاكل إجتماعية؟؟ النسبة في ارتفاع مستمر، وقد راجت هذه الظاهرة كثيرا عقب النزوح السوري الى لبنان أي بعد العام 2011، فزواج الأطفال يرتفع في أوساط اللاجئين السوريين الذين يفوق عددهم المليونين في البلاد..”

وقال درغام: “وفي هذا الاطار تشير دراسة نشرت في العام 2017، الى أن 24 بالمئة من الفتيات اللاجئات ما بين 15 و17 سنة متزوجات.  وهنا لا بد من لفت النظر الى مدى الخطر الاجتماعي الناتج عن زواج اللاجئات وإختلاطهن في المجتمع اللبناني وتحديدا في محافظتي البقاع وعكار، إذ تفاقمت الأوضاع الاجتماعية للأسر بسبب مشاكل النزوح الذي حمل معه عادات إجتماعية سيئة، مما خلق الكثير من الاشكالات في أماكن إستضافة هؤلاء. لقد عمدنا خلال لجنة حقوق الانسان الى إقرار قانون حماية الأطفال من الزواج المبكر، عبر تحديد سن الزواج على ألأراضي اللبنانية بـ 18 عاما، للمرأة والرجل، كما ينص إقتراح القانون على تغريم كل من شارك أو ساعد على تزويج طفل بغرامات تتجاوز قيمتها عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور، وعقوبات بالسجن تتراوح بين 6 أشهر وثلاث سنوات.

وأضاف:” أيها السيدات والسادة، لا بد هنا  من أن أشير الى الظلم الذي يقع على الفتيات الأطفال اللواتي يتعرضن للاغتصاب، فبدل أن يتم معاقبة المجرم المغتصب يتم وتحت شعار العادات والتقاليد والخوف من الفضيحة، تزويج الفتاة للمغتصب، وهو ما يعد جريمة مزدوجة يجب أن يعاقب عليها القانون. إن مواجهة زواج الأطفال يجب أن يتم بشتى الطرق القانونية والاجتماعية والتوعوية عبر الدور الهام الذي تلعبه جمعيات ومنظمات المجتمع المدني ، الأمر الذي من شأنه تمكين المرأة في عدة مجالات، والقاء الضوء على حقوقها الانسانية. وقبل كل شيء فان معالجة المشكلة تتطلب الاعتراف بالعوامل المختلفة التي تؤدي إلى استمرار هذه الممارسة. إذ تختلف جذور هذه الممارسة عبر البلدان والثقافات، فإن الفقر ونقص الفرص التعليمية ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية تؤدي إلى إستمرارها، كما تعمد العديد من العائلات الى تزويج  النساء الأطفال مبكراً للتخفيف من العبء الاقتصادي أو لكسب الدخل.”

وأكمل: “من هنا نطالب، الهيئة العامة لمجلس النواب باقرار القانون، كما نطالب السلطات اللبنانية بضمان تطبيقه وملاحقة الأزواج الراشدين والآباء والسلطات المحلية التي  تستمر في تزويج الأطفال. فكما هو معلوم أن القانون اللبناني قد وضع سنا دنيا للاستحقاقات الحياتية العادية، ومنها مثلا سن العمل، وسن الانتساب للنقابات، وسن الانتخاب، سن رخصة السوق، سن قانون الأحداث، وغيرها من القوانين التي تمس حياة المواطن اليومية، فكيف يعقل أن يكون إستحقاق مصيري كالزواج الأكثر سطحية والأقل أهمية، في حين أنه إستحقاق مصيري تبنى عليه الأجيال ويحدد مصير العائلة والأطفال لجهة الوعي والنضوج العقلي والنفسي وبالتالي مجتمع معافى وسليم.”

وختم يقول: “أيها الحضور الكريم في الختام، لا يجب أن ننسى أن لبنان يصادق على عدد من المواثيق الدولية التي تمنع بوضوح زواج الأطفال، بما في ذلك “اتفاقية حقوق الطفل”  التي تحدد سن الطفولة والبلوغ بـ 18 عاما، و”اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”، ومن المعيب عدم إقرار القانون وتنفيذه في أسرع وقت ممكن، بعيدا عن التجاذبات الطائفية.”