لبنان على مفترق طرق: أيّامٌ حاسمة… عبد الكافي الصمد  

كانت لافتة إشارة الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله، في كلمة له يوم أمس تطرّق فيها إلى ملف الأزمة الحكومية، عندما أشار إلى أنّه مع عودة رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري إلى لبنان، فإنّ “الأيّام المقبلة سوف تكون حاسمة، وأنّه من المفترض أن تعقد اليوم وغداً لقاءات لبلورة المشهد الحكومي”.

ومع أنّ نصر الله اعتبر أنّ أزمة الحكومة “هي نتاج أزمة النظام”، وهو موقف ليس جديداً له أو للحزب، فإنّ تأكيده بأنّ الأيّام المقبلة ستكون حاسمة حول هذه الأزمة بدت جديدة على خطاب الأمين العام، الذي اعتاد غالباً أن يطالب بإعطاء مزيد من الوقت وبذل مزيد من الجهود لحل أيّ أزمة، من غير تحديدأاي سقف زمني لذلك، لما يشكل هذا التحديد، برأيه، من ضغوطات كبيرة على المعنيين بالملف الحكومي، أو سواه من الملفات العالقة.

هذا “الحسم” الذي تحدث عنه نصر الله فسّره مراقبون من زاويتين: الأولى أن الحسم سيكون إيجابياً، أي أنّ الحريري سيُقدّم خلال الأيّام القليلة المقبلة تشكيلة حكومية مكوّنة من 24 وزيراً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وأنّ الأخير سيوافق عليها، إيذاناً بصدور مراسيمها وخروج الدخان الأبيض من قصر بعبدا.

أمّا الزاوية الثانية التي فسّر بها المراقبون “حسم” نصر الله، وهي سلبية، فتنطلق من أنّ عون وفريقه السّياسي، وعلى رأسه رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، والحريري لن يتوصلا إلى اتفاق حول الحكومة العتيدة، ما سيدفع الحريري إلى إعلان اعتذاره عن الإستمرار في تكليفه تأليف الحكومة، وترك المهمة لسواه، سواء اختاره هو شخصياً، أم لا.

حتى الآن فإنّ احتمال “الحسم” الثاني يتقدّم على الأوّل، وترسم سيناريوهات عدّة حوله، ومخارج مختلفة له، إلا إذا طرأت خلال اللحظات الأخيرة تطوّرات معينة قلبت الأمور رأساً على عقب، وجعلت الإحتمال الإيجابي الأول يتقدم ويتحقق.

السيناريو السّلبي ينطلق من أن الحريري سيتوجه إلى قصر بعبدا، يوم الجمعة المقبل على سبيل المثال، حاملاً تشكيلة حكومية لا تراعي الشروط التي وضعها عون، ما سيدفعه إلى رفضها، وبالتالي رفض الرئيس المكلف المضيّ في مهمته، والإعتذار بأقلّ الخسائر الممكنة في الشّارع السّنّي تحديداً، وبالمقابل عدم الظهور بمظهر الخاسر أمام باسيل، أو الراضخ له، على أن يتوافق في ذلك مسبقاً مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي حول رئيس الحكومة الذي سيُكلّف بعده، لاحتواء تداعيات اعتذاره في الشّارع وعلى الإقتصاد والوضع المعيشي، والتي يتوقع لها أن تكون مكلفة جدّاً.

بالمقابل، فإنّ السّيناريو الإيجابي يرتكز على تدخلات خارجية تهدف إلى الدفع باتجاه تشكيل الحكومة، ليس لإنقاذ البلد وحل أزماته المستفحلة، بقدر ما تسعى إلى وضع حدّ للإنهيار الذي يعانيه، وتشظّي وتفكّك إدارات وأجهزة الدولة، ما سيجعل إعادة تركيب البلد مرّة ثانية صعباً ومعقداً ومكلفاً في آن معاً، وأنّه لا يمكن إنتظار التسويات الكبرى في المنطقة لإخراج البلد من عنق الزجاجة.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal