هل تصدق وعود أميركا الكهربائية للبنان؟… عبد الكافي الصمد

ما كاد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله يعلن، يوم الخميس الماضي، عن أنّ باخرة نفط إيرانية في طريقها إلى لبنان، حتى بدأ خصوم الحزب يشكّكون بهذه الخطوة ويحذّرون من تداعياتها، واحتمال فرض عقوبات دولية على لبنان بسببها، من غير أن يتوقفوا عند أن خطوة حزب الله جاءت من أجل تخفيف عبء أزمة المحروقات عن اللبنانيين، فيما لم يبادروا هم ولا حلفائهم في الخارج إلى مدّ يد المساعدة.

أبرز ردّ على خطوة حزب الله جاءت من السّفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، التي عبّرت عن استيائها واستياء إدارتها من مجيء باخرة النّفط الإيرانية إلى لبنان، قبل أن تعلن بعد اتصال أجرته مع رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ مجموعة ناقلات نفط تنتظر في عرض البحر تفريغ حمولتها في البرّ اللبناني، وتكشف عن محادثات تجريها إدارة البيت الأبيض مع البنك الدولي لمساعدة لبنان باستجرار الطاقة الكهربائية إليه من الأردن عبر مصر، عن طريق توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن تمكّنه من إنتاج كميّات إضافية من الكهرباء.

غير أنّه بعد التدقيق في كلام السّفيرة الأميركية، واستقراء الواقع والمعطيات، تبيّن أنّ ممثلة الديبلوماسية الأميركية في بيروت كانت تغدق على اللبنانيين وعوداً لا يُنتظر أن تتحقق أو ترى النّور قريباً، وأنّ إدارتها كانت سابقاً وما تزال اليوم تبيعهم أحلاماً وأوهاماً، للأسباب التالية:

أولاً: إنّ إيصال الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر سوريا غير ممكن عملياً لأسباب تقنية، كون شبكة التيّار الكهربائي في جنوب سوريا تحتاج إلى تأهيل بسبب الإعتداءات عليها من قبل مسلحي المعارضة في السنوات الأخيرة، وهذا التأهيل يحتاج إلى وقت ليس قصيراً، يقاس بالأشهر على أقل تقدير، هذا إذا بدأت عملية التأهيل والتصلحيات اليوم، وبوتيرة سريعة.

ثانياً: تعاني سوريا كما لبنان من أزمة في التيّار الكهربائي، وفي هذه الحال لا يُنتظر أن تسمح السّلطات السّورية حلّ أزمة التيّار الكهربائي في لبنان بينما هي تتفرّج، ولأنّ الماء لا يمرّ على عطشان، فإنّ السّلطات السّورية لن تقبل حلّ أزمة الكهرباء في لبنان قبل أن تحلّ هذه الأزمة لديها.

ثالثاً: إذا فرضت السّلطات السّورية رسوماً وشروطاً مسبقة مقابل الإستعانة بشبكتها الكهربائية لإمرار التيار الكهربائي من الأردن إلى لبنان، فمن سيتولى حلّ هذه المشكلة وكيف؟

رابعاً: فرضت الإدارة الأميركية قبل سنوات عقوبات على سوريا عبر قانون أطلقت عليه إسم “قيصر”، وهو قانون يفرض عقوبات على أيّ دولة أو جهة تتعاطى مع الدولة السورية، سياسياً وإقتصادياً وتجارياً وغير ذلك، لكنّ إقتراح الإدارة الأميركية إستجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا إلى لبنان يناقض هذا القانون، فكيف سيتم تجاوزه مستقبلاً، وعلى أيّ أسس؟

خامساً: ماذا لو اشترطت السّلطات السّورية على الإدارة الأميركية مقابل موافقتها على استجرار الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر أراضيها، إستعادة آبار النّفط والغاز التي تسيطر عليها مع حلفائها الأكراد شمال شرق سوريا، لأنّ ذلك يحلّ ازمة المحروقات الخانقة في سوريا، فماذا ستفعل واشنطن، وكيف ستردّ، وما مصير طرحها إمداد لبنان بالكهرباء من الأردن؟

سادساً: منذ بداية الأزمة السّورية قبل أكثر من عشر سنوات، قاطعت الدولة اللبنانية رسمياً الدولة السّورية، ورفض فريق واسع فيها إجراء أيّ محادثات رسمية معها بسبب ضغوطات عربية وغربية مورست عليها، وتحديداً السعودية وأميركا، لكن اليوم لم يعد ممكناً تجاهل حقيقة أنّ الحوار مع سوريا بات أمراً لا مفرّ منه، لمناقشة ملف إستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن وسواه. وهنا يطرح سؤال: ماذا لو اشترطت السّلطات في سوريا معالجة ملف ودائع السّوريين المحتجزة في المصارف اللبنانية قبل بحث أيّ ملف آخر، عندها ماذا ستفعل السّلطات اللبنانية؟


مواضيع ذات صلة:


 

 

 

Post Author: SafirAlChamal