تداعيات اعتذار الحريري: فوضى وانهيار… عبد الكافي الصمد

كلام كثير سيقال حول الأسباب التي دعت الرئيس سعد الحريري للإعتذار عن مهمّة تأليف الحكومة التي كُلّف بتشكيلها في 22 تشرين الأوّل من العام الماضي، وأسئلة عدّة ستطرح حول مصير الإستشارات النيابية الملزمة الجديدة التي ينتظر أن يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون لتكليف شخصية جديدة تأليف الحكومة، ومن سيكون البديل عن الحريري الذي سوف يغامر بحمل كرة النّار بين يديه، وهل أنّ الرئيس المكلف المقبل سيكون مصيره السياسي أفضل من مصطفى أديب والحريري، أو حتى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب؟

لا أجوبة بعد على كلّ هذه التساؤلات في الوقت الحالي التي يُنتظر أن تحمل الأيّام المقبلة أجوبة عليها، لكن أسئلة أخرى أكثر إلحاحاً تطرح في مختلف الأوساط، حول ما يمكن أن يسفر عنه إعتذار الحريري من نتائج تداعيات على كلّ الصعد، وخصوصاً المعيشية والمالية والإقتصادية والإجتماعية، والأمنية بطبيعة الحال.

يكفي التوقّف عند ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية نحو 3 آلاف ليرة في غضون ساعات قليلة تلت إعتذار الحريري، وتجاوزه عتبة 22 ألف ليرة مقابل كلّ دولار أميركي، وهو مرشح للإرتفاع أكثر خلال الأيّام المقبلة، مقابل إنهيار ستتعرّض له العملة المحلية، ما يعطي إشارة واضحة إلى حجم مآل الأمور من إنهيار لن ينجو أي قطاع أو فئة في المجتمع اللبناني.

فالهلع الذي دبّ بعد عصر أمس في مختلف أسواق لبنان التجارية، بعد دقائق قليلة من اعتذار الحريري، أدى إلى إغلاق شبه تام للمحال التجارية وإقفالها أبوابها لأجل غير محدد، برغم أنّه لا يفصل عن قدوم عيد الأضحى سوى أيّام معدودة (موعده الثلاثاء المقبل)، وهي التي كان يفترض أن تفتح أبوابها 24 / 24 في هذه الأيّام، وهو إقفال لم يقتصر على محال بيع الألبسة والأحذية والهدايا والحلويات والشوكولا فقط، والتي تشهد عادة خلال الأعياد نشاطاً ملحوظاً أكثر من بقية المحال والأسواق، بل إن المطاعم والمقاهي والإستراحات، على اختلاف مستوياتها، أغلقت أبوابها بدورها، ما جعل الأسواق في كلّ المناطق اللبنانية تقريباً، تبدو وكأنّها خاوية على عروشها بدل أن تكون خلية نحل خلال فترة العيد.

غير أن اعتذار الحريري سيرفع بلا شك من نسب الخوف والقلق والخشية في مجالين: الأوّل أنّ الأزمات السّابقة في قطاعات الكهرباء والمحروقات والأدوية والغذاء مرشّحة للتفاقم أكثر في المرحلة المقبلة، ما سينذر بانفجار إجتماعي خطير لن يجد من يحتوي تداعياته، وهو انفجار بدأت تداعياته ومؤشراته الخطيرة بالظهور تباعاً.

أمّا المجال الثاني، وهو الأخطر، فهو الخشية من فوضى وانفجار أمني سيجعل السّاحة المحلية مستباحة وبلا أي حصانة أمنية، وهو أمر بدأت بعض معالمه بالظهور تدريجياً عبر قيام محتجّين على اعتذار الحريري بقطع طرقات، والقيام بأعمال فوضى وشغب، وتحضير الشّوارع لمواجهات عنفية وسط أجواء تحريضية تعمل من أجل أن تتصادم مع بعضها البعض على خلفيات طائفية ومذهبية وسياسية وغيرها، وانغلاق المناطق على بعضها، وسط تحلّل وتفكّك مؤسسات الدولة تباعاً، ما سيجعل البلاد تصل إلى القعر الذي لطالما جرى التحذير منه سابقاً.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal