لبنان مقبلٌ على ″أزمة غذاء″ صعبة .. ولا من يَسأل!… عبد الكافي الصمد

قبل أسابيع عدّة، حذّرت منظمة الأغذية العالمية “الفاو” التابعة للأمم المتّحدة في تقرير لها من أنّ لبنان مقبلٌ خلال الأشهر المقبلة على “أزمة تهدّد أمنه الغذائي”، وهي عبارة ملطّفة تحاول من خلالها الإيحاء أو التلويح بأنّ البلد يسير، بشكل أو بآخر، في طريقه نحو أزمة مجاعة.

لم يأخذ أحدٌ من المسؤولين في لبنان هذا التحذير على محمل الجدّ، بل ذهب البعض إلى التشكيك به، والقول إنّ لبنان يُستبعد أنْ يتعرّض لأزمة مجاعة شبيهة بتلك التي شهدها أيّام الحرب العالمية الأولى، لأنّ حصاراً بحرياً ضُرب على الموانىء اللبنانية حينذاك، بينما الموانىء اللبنانية اليوم مفتوحة أمام بواخر تأتيها من مختلف أنحاء العالم.

غير أنّ سؤالاً إفتراضياً طُرح في هذا المجال، هو: ماذا لو فُرض على لبنان، لسبب أو لآخر وتحت ذريعة معيّنة، حصاراً بحرياً، ومُنعت البواخر المحمّلة بالحبوب والمواشي والمواد الغذائية والأدوية وغيرها من المجيء إلى لبنان، مع بقاء حدوده مع سوريا مُقفلة من غير أن تبذل السلطة أيّ جهد حقيقي لإعادة فتحها من خلال فتح حوار جدّي مع الحكومة السّورية، برغم أنّ هذه الحدود هي منفذه البرّي الوحيد مع العالم، فماذا سيحلّ بالبلد حينها من كوارث وأزمات، وهو الذي يفتقر إلى الحدّ الأدنى من مقومات الصمود والأمن الغذائي والدّوائي؟

مقومات الصّمود الغذائي غير المتوافرة في لبنان لم تتحدث عنها منظمة “الفاو” فقط، ففي الأيّام الأخيرة خرجت أكثر من جهة لبنانية معنية تحذّر من أزمة غذائية مقبلة على البلد في الأشهر المقبلة، وأنّها قد تمتد حتى عام 2022 المقبل على أقل تقدير، وأنّ هذه الأزمة تحتاج إلى مقاربة ومعالجة جدّية لمواجهتها لم تتوفر بعد.

أحد وجوه هذه الأزمة هو ما حذّرت منه نقابات معنية بالقطاع الزّراعي، أفادت أنّ المساحات المزروعة تقصلت هذا العام بنسبة كبيرة ناهزت 40 % عن تلك التي كانت عليها العام الماضي، ما يعني أنّ الإنتاج الزّراعي خلال فصل الشتاء، الذي بالكاد يكفي لسدّ رمق اللبنانيين، سوف يتقلص، ما يعني أنّ إرتفاعاً كبيراً في أسعار بعض المنتجات والسّلع سوف تشهدها الأسواق، وأنّ شرائح واسعة من المواطنين لن يكونوا قادرين على شرائها.

وردّت النّقابات الزراعية هذا الإرتفاع إلى أنّ “القطاع الزراعي بات صعباً ومكلفاً، والمزارعون يعانون من إرتفاع الكلفة الإنتاجية، بدءاً من ضمان الأراضي وصولاً إلى المازوت، وثمّة إستياء لدى العديد منهم من التكلفة العالية للموسم الزراعي، التي تطال أسعار الأسمدة والأدوية والمبيدات الزراعية، أغلبها مستورد ويباع بالدولار الأميركي، ما أدّى إلى إحجام البعض عن زراعة أراضيهم”.

ثاني هذه التحذيرات جاءت من قبل لجنة حماية المستهلك، التي أشارت إلى أنّ ارتفاع الأسعار بلغ أرقاماً غير مسبوقة في العالم، فالغذاء وحده إرتفع 2067% خلال سنتين، وهذه جريمة بحق اللبنانيين.

أمّا ثالث هذه التحذيرات فجاءت من نقابة مستوردي المواد الغذائية التي نبّهت من أنّ “رفع الدولار الجمركي على السّلع الغذائية سيؤدّي حتماً إلى زيادة أسعارها وتدني قدرة نحو 82 % من المواطنين، الذين باتوا تحت خط الفقر، من الحصول عليها، ما يعني حصول إنكشاف غذائي لهذه الشريحة الواسعة”.


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal