سيناريوهات التكليف غامضة وحكومة العهد الأخيرة معلّقة… عبد الكافي الصمد

رمى الرئيس سعد الحريري، يوم الخميس الماضي، ورقة تكليفه التي وضعها في جيبه منذ 22 تشرين الأول العام الماضي، ومضى، من غير أن يستطيع تأليف الحكومة التي عقد لأجل إنجازها 19 لقاءً مع رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، من دون أن يستطيعا التوصل إلى نقاط مشتركة بينهما تسهّل ولادة الحكومة، وبعدما صال وجال وزار عواصم في المنطقة والعالم من غير أن يصل بتشكيلة حكومته إلى برّ السراي الحكومي الكبير، وعودته مجدّداً إلى رئاسة الحكومة.

كلام كثير سيقال عن المرحلة الماضية، وما شهدته من تطوّرات هامّة فتحت الباب أمام مرحلة جديدة أدخلت لبنان في المجهول، وأدّت إلى انهيار غير مسبوق في تاريخ الكيان منذ نشأته في أيلول عام 1920، وطرحت أسئلة مختلفة حول مصيره، في ضوء تقارير ومواقف غربية حذّرت من احتمال زوال لبنان عن الخارطة.

غير أنّ الطبقة السّياسية والفئات اللبنانية على اختلافها، ستكون منشغلة خلال الأيّام القليلة المقبلة بمن سيخلف الحريري في استشارات التكليف، التي يُنتظر أن تجري بعد عطلة عيد الأضحى، ومن ستكون الشخصية التي سوف يرسو عليها الخيار، ووفق أي تسوية، ومن سوف يُسمّي هذه الشخصية ويسوّقها، وهل ستنال تأييد أكثرية نيابية، أم أنّ البلد بانتظاره أزمة سياسية جديدة سيجعل التكليف مشكلة بدلاً من أن يكون مدخلاً إلى حلّ، يأمل اللبنانيون في التوصّل إليه لإخراج بلدهم من عنق الزجاجة.

كلّ هذه التساؤلات وغيرها لم تجد أجوبة عليها بعد، إذ ما يزال الغموض يسيطر على مصير الإستشارات النيابية الملزمة، فالحريري أعلن رفضه تسمية أحد، والشّخصيات المرجّحة أن تكون بديلاً عنه أبدت رغبتها في إبعاد كأس التكليف المرّة عنها، ما جعل كثيرين يرسمون سيناريوهات متشائمة للمرحلة المقبلة، وصلت إلى حدود توقّع إستمرار الفراغ في الرئاسة الثالثة، وأن يبقى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسّان دياب في موقعه حتى نهاية ولاية عون في خريف العام المقبل.

هذا التوقّع الذي يسود أغلب الأوساط السّياسية إنطلق من فرضية أنّ عون لن يعطي أيّ رئيس مكلّف ما لم يعطه للحريري، وأنّه إذا لم ينل مطالبه في أيّ حكومة مقبلة فإنّ أيّ رئيس جديد مكلّف لن يكون مصيره أفضل من مصير الحريري، ومن قبله مصطفى أديب، الذي رمى ورقة التكليف في وجه الطبقة السياسية قبل أن يقفل عائداً إلى مركز عمله سفيراً لبلاده في ألمانيا.

إذ يدرك المتابعون أنّ عون لن يسلم العام الأخير من عهده إلى حكومة لا تؤمّن له أربعة أمور: الأول أن تستطيع تحقيق إنجازات تعوّض له خيبات السنوات الماضية، وانهيار البلد في حفرة لا قعر لها؛ والثاني أن يكون لفريقه السّياسي الأكثرية والحلّ والربط في حكومة يتوقع في حال لم تجر الإنتخابات الرئاسية المقبلة، أن تملأ الفراغ بعده، أي بصريح العبارة أن يمتلك فريقه الثلث المعطل فيها؛ والثالث أن تكون الحكومة المقبلة جسر عبور لصهره، رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، نحو قصر بعبدا؛ والرابع أن يكون إستحقاق الإنتخابات النيابية المقبل في ربيع العام المقبل مقدمة نحو تحقيق هذه التطلعات، وإلا لا حكومة ولا من يحزنون.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal