أسئلة ما بعد الشغور الرئاسي!… عبد الكافي الصمد

بعد يومين إنقضيا من عمر الشغور في منصب رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السّابق ميشال عون يوم أوّل من أمس الإثنين، في 31 تشرين الأوّل الماضي، دخل لبنان في مرحلة لا أحد يعرف متى وكيف ستنتهي. 

الشغور الحالي الذي يُعدّ السّادس الذي يشهده لبنان منذ استقلاله عام 1943، بعد خمس محطات سابقة من الشغور في أعوام 1952، 1988، 1989، 2007 و2014، طرح أسئلة عديدة حول الكيان ومستقبله السّياسي وكيفية معالجته أزماته السياسية التي تتوالد كالفطر، أبرزها الأسئلة التالية:

أولاً: إستغرق الشغور السّابق بعد نهاية ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان، وكان الأطول بين سلسلة الشغور السّابقة، كونه امتد سنتين وخمسة أشهر وتسعة أيّام، 45 جلسة عقدها مجلس النوّاب قبل أن ينجح في 31 تشرين الأوّل عام 2016 في انتخاب عون رئيساً، فكم سيستغرق الشغور الحالي، وكم جلسة سيعقدها مجلس النوّاب لانتخاب رئيس جديد، بعدما عقد حتى الآن 4 جلسات باءت بالفش؟.

ثانياً: هذا الشغور السّادس في منصب الرئاسة الأولى هو الثالث على التوالي، بعد شغور عام 2007 إثر انتهاء ولاية الرئيس الأسبق إميل لحود، وشغور 2014 بعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان، والآن الشغور الذي دخل لبنان فيه بعد انتهاء ولاية عون، ما رسّخ قناعة لدى كثيرين بأنّ الشغور قد أصبح قاعدة بعد انتهاء ولاية كلّ رئيس جمهورية، وليس استثناء، ويُعبّر عن أزمة سياسية ـ وجودية عميقة، وهو أمرٌ بالغ الخطورة على مصير ومستقبل البلد.

ثالثاً: يأتي الشغور الرئاسي هذه المرّة ليس ليُعبّر عن أزمة سياسية عابرة، بل عن مشكلة سياسية عميقة، ويطرح أسئلة جدّية حول مصير نظامه السّياسي، في ضوء حملات التراشق حول الدّفاع عن إتفاق الطائف من جهة وبين الدعوة إلى تعديله، ويثير هذا السّجال مخاوف على أعلى المستويات كون أيّ أزمة سياسية من هذا النوع لم يعرف لبنان حلّاً لها إلّا على “السّاخن”، وبعد إثارة مزيد من الإنقسامات والنّعرات الطائفية والمذهبية، وسقوط مزيد من الضحايا والدّماء، وحصول مزيد من الدّمار والإنهيار.

رابعاً: يأتي الشغور الرئاسي هذه المرّة وأغلب الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة في لبنان، والتي لها كلمة وازنة في الإستحقاق الرئاسي اللبناني، مشغولة سياسياً وإقتصادياً وأمنياً، بقضاياها الداخلية والخارجية الأكثر أهمية بالنسبة لها من القضية اللبنانية.

خامساً: في وقت تبحث فيه القوى السياسية المحلية والإقليمية عن مخرج لملء الشغور الرئاسي في قصر بعبدا، يسعى المواطن اللبناني جاهداً وراء ملء الفراغات إنْ استطاع ذلك، والمهمة بالنسبة له أكثر من أيّ فراغ آخر، مثل الفراغ الحاصل في جيبه وخزّان سيّارته وبيته (مونة ومحروقات وسواهما)، وفي تأمين علبة دواء وقسط مدرسة وفاتورة إشتراك وسوى ذلك.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal