لبنان يدخل فراغاً رئاسياً طويلاً!… عبد الكافي الصمد

أقفل رئيس الجمهورية ميشال عون ولايته التي امتدت على مدى 6 سنوات بمشهد لافت. فقد إنقسم اللبنانيون أمس، كما لم ينقسموا من قبل، إلى طرفين رئيسيين: الأوّل إحتفى بالجنرال عون مغادراً قصر بعبدا ليعلن تضامنه معه وتأييده له، وليقول له “معك مكملين” سواء كنت في قصر بعبدا أو خارجه؛ بينما كان الطرف الثاني يعلن فرحته البالغة بانتهاء عهد شهد فيه لبنان إنهياراً غير مسبوق على كل الصعد، أوصل البلاد إلى قعر لا يبدو في المستقبل القريب أنّه سيخرج منه من غير ان يكون مثخناً بالجراح.

على هذا النّحو من الإنقسام ستحفل المرحلة المقبلة، لكنّه إنقسام يأتي في ظلّ تشظّي إدارات ومؤسّسات الدولة، من أعلى الهرم إلى قاعدته. فراغٌ رئاسي لا أحد يعرف متى وكيف سينتهي بعد انتهاء ولاية عون، وحكومة تصريف أعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي بدأ مبكراً الجدل السّياسي والدستوري حولها، ومجلس نيابي برئاسة الرئيس نبيه بري عجز خلال أربع جلسات عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويبدو أنّه سيعجز في جلسات لاحقة عن إنجاز مهمته، في ضوء الإنقسام الداخلي وعدم قدرة الأطراف المتخاصمة في الداخل والخارج على التوصّل إلى تفاهم حول رئيس للجمهورية ينهي فراغاً رئاسياً تشير أغلب التوقعات والمعطيات بأنّه سيكون طويلاً.

وكما انقسم اللبنانيون أمس، سياسياً وشعبياً، قسمين على ضفّتي الإستحقاق الرئاسي، وهو إنقسام إعتادوا عليه حتى بات سمة رئيسية ومتجذّرة في مختلف تفاصيل حياتهم، فإنّ الإنقسام المذكور سيمتد على ما يبدو طوال المرحلة المقبلة، وسيُحمّل خلاله كلّ طرف الطرف الآخر مسؤولية ما آلت إليه البلاد من إنقسام، وفراغ.. وانهيار. غير أنّ مظاهر الإنقسام والإنهيار الحاضرة بقوة في ضوء الفراغ الرئاسي الذي دخلت فيه البلاد بدأت تثير القلق في مختلف الأوساط من أمرين بالغي الخطورة: الأوّل أن تترافق هذه المظاهر مع تدهور بالغ الخطورة إقتصادياً ومالياً ومعيشياً وإجتماعياً في المرحلة المقبلة، أكثر من الحالي، في ضوء عدم وجود أيّ أثر أو مؤشّر على أنّ الأمور ذاهبة نحو إنفراج ما، أو على الأقل إبقاء الإنقسام محكوماً تحت سقف معين، وإيقاف الإنهيار إنْ لم يكن بالإمكان معالجته، وإنهاض البلد من عثراته.

أمّا الأمر الثاني البالغ الخطورة، والذي يثير قلقاً داخلياً وخارجياً واسعين، فهم أن تنفجر هذه المظاهر أمنياً، خصوصا اذا طال امد الفراغ الرئاسي والشّلل الحكومي، عبر توتّرات متنقلة في أكثر من منطقة ساخنة، في ضوء وجود أرضية خصبة لهذه التوترات، ما سيسهم في ازدياد المعاناة، وفي دخول البلاد منعطفاً مقلقاً للغاية، مع خوف بالغ على المصير والكيان والدولة والشّعب في آن معاً.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal