بلد العجائب!… حسناء سعادة

غريب امر هذا البلد بكباره وصغاره، بمسؤوليه وشعبه، بصموده وازماته، فهو وبعكس بلدان العالم بامكان القاعدة ان تصبح فيه شواذاً والشواذ يصبح قاعدة، والامثلة كثيرة على ذلك، كما بامكان المستحيل أن يصبح ممكناً فيما الممكن قد لا يتحقق ابداً.

هذا الكلام ليس رأيي الشخصي انما هو خلاصة ما توصلت اليه صديقة عربية تعتبر بلدنا وطنها الثاني وتعيش فيه اكثر مما تعيش في بلدها.

تؤكد صديقتي ان اولى عجائب لبنان انه لا يزال صامداً رغم كل الازمات التي يمر بها والتي لو طالت بلداً اخراً لكان اليوم في خبر كان.

تشير الى ان الطبقة الوسطى التي هي عصب ومرتكز اي بلد اندثرت في لبنان ولكن لم يتغير اي شيء رغم ذلك، فالمطاعم والمقاهي والمسابح تعج بالناس كما في السابق لا بل اكثر، وهذا وضع شاذ في بلد لا يتخطى فيه الحد الادنى للاجور الثلاثين دولاراً ولكنه موجود وواقع.

تعترف صديقتي انها تحب اهل لبنان وحسن ضيافتهم ولكنها تتفاجىء في ظل الاوضاع الراهنة ان هناك من لا يزال ومن حواضر البيت يمد اطيب وليمة لضيفه رغم انه مستور بقية الايام بلقمة عيشه، مؤكدة ان ذلك لا يحصل الا في لبنان حيث الكرم يتغلب حتى على العوز.

تضيف انها لا تستطيع ان تجزم ان تأقلم الشعب اللبناني مع كل ازمة من ازماته ناتج عن قوة الصبر لديه ام عن الخنوع والاستسلام، تقول انها تحب هذا البلد وهذا الشعب على علاته، ولكن لا مقدرة لديها على استيعاب ان مواطنا لا يزال يقبض بضعة الاف لا تكفيه ثمن اكل وشرب اعترض على زيادة 6 دولارات على “الواتساب” وأشعل ثورة بسببها هو اليوم يدفع على سعر صرف الدولار بالسوق السوداء ثمن انارة بيته او متجره بالكهرباء وثمن البنزين والمازوت والسلع الضرورية من دون ان يحرك ساكناً.

ترى صديقتي العربية ان المسؤولين لا يختلفون كثيراً عن الشعب بغرابتهم، معتبرة انه كيف لحزب ان يتمسك بحقيبة وزارية وهو على مدى سنوات لم يفلح في وضعها على السكة الصحيحة لا بل تراجعت خدماتها؟، وكيف لسياسيين في عز الازمات امتلاك ترف تناتش الحقائب ووضع الشروط التعجيزية بدل تسهيل العمل التنفيذي؟ وكيف لنواب وصلوا الى الندوة البرلمانية على أكتاف التغييريين ان يتلهوا بالقشور فيما اوجاع اللبنانيين تتفافم؟.

لصديقتي امثلة كثيرة تكشف ان لبنان بلد العجائب ولكن برأيها الاغرب ان العديد من الاهل الذين كانوا يقطعون اللقمة عن فمهم لتعليم اولادهم في الخارج باتوا اليوم غير قادرين على ارسال اقساط الجامعات لاولادهم فيما منهم من يتكل على ما يرسله ابنه او ابنته الطالبة مما يتوفر لديهم من دولارات قليلة من عملهم المتقطع ليتمكنوا من توفير لقمتهم ولم يحركوا ساكناً حتى اليوم رغم ان القاعدة باتت شواذاً.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal