خميس ″الأسرار″ السياسية!.. غسان ريفي

هي المرة الأولى التي تتحول فيها تسمية رئيس الحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا الى سر من الأسرار التي لا يمكن البوح بها، حيث تكتفي الكتل النيابية مع النواب المستقلين والتغييريين بتحديد مواصفات، أو برسم ملامح للرئيس المكلف الذي بات يحتاج الى مصنع مختص بالرؤساء يعمل على تصنيعه وفقا للأهواء والشروط النيابية.

ثمة تناقضات واضحة تتحكم بهذه الاستشارت، ففي الوقت الذي تؤكد فيه المعطيات أن الرئيس نجيب ميقاتي هو المرشح الجدي الوحيد لاستكمال المهمة الحكومية التي بدأها مع حكومة “معا للانقاذ”، وبالتالي فهو الأوفر حظا للتكليف بأكثرية أصوات النواب، تحرص الكتل النيابية على عدم إعلان إسم مرشحها بانتظار الساعات الأخيرة قبل إنطلاق موعد الاستشارات يوم الخميس المقبل، ما يؤكد حالة التخبط التي يشهدها مجلس النواب بعد الانتخابات التي أدت الى تبديل في موازين القوى وإن كانت “أرضية الأكثرية” ما تزال ثابتة بالنسبة للقوى السياسية التقليدية التي تحتاج فيها الى بضعة من الأصوات للحصول على الأكثرية المطلقة أو على الرقم الذهبي 65 صوتا.

للمرة الأولى أيضا، تغيب كتلة تيار المستقبل عن الاستشارات النيابية الملزمة وهي غالبا ما كانت تعطي المؤشر والميثاقية السنية للرئيس المكلف، كما يغيب نادي رؤساء الحكومات الذي سبق وأعطى الدعم السياسي والشرعية والتغطية الشعبية للمرشح الذي كان يختاره، ما يشير الى حالة من التشرذم يواجهها النواب السنة الجدد والذين يغرد نحو 20 منهم منفردين، فيما يجتمع خمسة نواب ضمن “اللقاء الشمالي” الى جانب نائبين أرثوذكسي وعلوي، كما يلتقي إثنان ضمن كتلة “المشاريع”، وما تبقى كل منهم سيكون لديه خياره في تسمية من يراه مناسبا، الأمر الذي دفع بمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان الى إطلاق دعوة الى النواب السنة لتعزيز وحدتهم وتضامنهم وتكاتفهم وأن يجعلوا مصلحة لبنان أول أهدافهم، موصيا إياهم بأن “الاستشارات النيابية هي أمانة لاختيار من لديه حكمة ومعرفة، ولديه رؤية واضحة لمعالجة الوضع الصعب الذي يمر به لبنان”. وقد رأت مصادر سياسية مطلعة ان المواصفات التي اوصى فيها المفتي دريان النواب السنة تنطبق على الرئيس ميقاتي.

في غضون ذلك، يتريث الثنائي الشيعي واللقاء الوطني والحلفاء من النواب المستقلين في إعلان موقفهم بالرغم من الاشارات الايجابية الواضحة تجاه الرئيس ميقاتي، فيما يدرس اللقاء الديمقراطي خياراته التي سيعلنها يوم الاستشارات أو عشيتها، في حين تفتح القوات اللبنانية خطوط إتصالاتها مع كل الأطراف لا سيما مع الكتائب والنواب السياديين والتغييريين الذين يبدو أنهم لن يجتمعوا على موقف موحد وما تزال آراؤهم منقسمة حول أكثر من مرشح للتكليف فيما يبدو أن بعضهم قد يذهب نحو خيارات أخرى.

وتحرص القوات اللبنانية على السير بعكس موقف التيار الوطني الحر الذي ما يزال يشاغب على الاستشارات ويحاول فرض شروطه على أي رئيس قد يحظى بالتكليف، إنطلاقا من إصرار رئيسه النائب جبران باسيل على أن يكون لديه نفوذ سياسي ضمن الحكومة المقبلة تعوضه ما فات، لذلك فهو مستمر في فبركة الشائعات وفي ممارسة الابتزاز وفرض الشروط التي لا يمكن لأي رئيس مكلف أن يقبل بها، علما أن الحملة البرتقالية تركز اليوم على الرئيس ميقاتي كونه الأوفر حظا لكن من دون جدوى في التأثير عليه، خصوصا أن ميقاتي يسعى في حال حصل على أكثرية أصوات النواب الى إستكمال العملية الانقاذية بتعاون ومشاركة الجميع ضمن ورشة عمل وطنية، ولن يدخل في مساومات أو محاصصات أو إعطاء هدايا لمن يريدون تحقيق مصالح أو مكاسب شخصية.

يستغرب متابعون هذا التخبط الحاصل عشية الاستشارات النيابية، خصوصا لجهة التكتم الشديد من قبل بعض الكتل النيابية عن إسم مرشحها، لافتين الانتباه الى أننا في ظل هذا الواقع نتجه بعد غد الى “خميس الأسرار” حيث من المفترض بكل النواب أن يكشفوا الاسم الذي إحتفظوا به طيلة الفترة الماضية.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal