باسيل يُحارب ميقاتي.. ويُفتش عن حكومة تحقق مصالحه!… غسان ريفي

كان مستغربا أن يُرَحِّل رئيس الجمهورية ميشال عون الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة الى يوم الخميس المقبل، أي أن الدعوة عندما وجهها جاءت قبل تسعة أيام من الموعد المنتظر، ما يشير بوضوح الى أن لدى فريق العهد الكثير من الاتصالات والمشاورات ليقوم بها قبل هذا الاستحقاق وقد منحه الرئيس عون هذه الفرصة بتأخير الاستشارات بحجة الحرص على أن يكون التكليف مقدمة لتأليف سهل، وهو أمر يبدو أنه ما يزال بعيد المنال..

واللافت أن هذا التأخير في موعد الاستشارات، يتنافى كليا مع واقع الحال اللبناني الذي يحتاج الى إعلان حالة طوارئ كاملة، والى تسريع كل مواعيد الاستحقاقات لا سيما تشكيل حكومة يحتاجها اللبنانيون، إلا أن خطوة عون أظهرت بأن الأزمات اللبنانية مجتمعة في واد، والمصالح السياسية لفريقه في واد آخر، أو كأن البلد يعيش في أفضل حال ولا توجد أزمات تهدد المواطنين بالفقر والمجاعة والموت والفوضى الشاملة.

بات معلوما أن الرئيس نجيب ميقاتي هو الأوفر حظا للتكليف، إنطلاقا من كونه الأقدر على قيادة المرحلة المقبلة، وعلى إستكمال مسيرة وقف الانهيار التي بدأها في حكومة “معا للانقاذ” لا سيما على صعيد التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإقرار خطة التعافي بعد إعادة درسها من مجلس النواب، وإنجاز ملف الكهرباء فضلا عن متابعة ملفات أخرى.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الكتل النيابية والنواب المستقلين بدرس خياراتهم الحكومية، يبدو أن تكتل “لبنان القوي” برئاسة جبران باسيل ماضٍ في محاولاته الرامية الى قطع الطريق على تكليف الرئيس ميقاتي الذي يعلم القاصي والداني أنه بات يشكل سدا منيعا في وجه طموحاته وأهدافه.

لا شك في أن باسيل يسعى الى تكليف رئيس يكون تحت مظلته السياسية، ليؤلف حكومة على قياسه تكون له الكلمة المسموعة فيها، فيضرب بذلك فيها عصفورين بحجر واحد، الأول، أن يستفيد من الأشهر الأربعة المتبقية لتصفية حساباته مع بعض كبار الموظفين في الدولة من حاكم مصرف لبنان الى قائد الجيش الى رئيس هيئة المناقصات وغيرهم، وإنجاز تعيينات برتقالية الهوى تبقي نفوذه السياسي ضمن الدولة لسنوات مقبلة.

والثاني أن يتحكم بمفاصل السلطة السياسية من خلال الحكومة في حال تعذر إنتخاب رئيس للجمهورية ووصلت البلاد الى الفراغ الرئاسي، ما يساعده على أن يكون حاكما بأمره، وعلى تنفيذ طموحاته الرئاسية من خلال تعطيل هنا أو إبتزاز هناك.

يدرك باسيل أن لا خبز سياسيا له في حال تم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، وذلك إنطلاقا من تجربة مرّة معه في الحكومة الحالية عبّر عنها بشن هجوم كبير عليه في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، ما يؤكد أن ميقاتي لم يهادن باسيل في الحكومة، بل عمل على رفض طروحاته، والوقوف سدا منيعا بوجه مشاريعه ذات المنفعة الانتخابية أو الشخصية، لذلك فإن حرب باسيل اليوم تركز على كيفية إستبعاد ميقاتي من المشهد الحكومي.

تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن بدعة التوافق على التأليف قبل التكليف يشكل إعتداء على الدستور وعلى صلاحيات الرئيس المكلف، كما يصادر ذلك إرادة النواب في إختيار الشخصية التي يرونها مناسبة، علما (وبحسب تلك المصادر) أن مجلس النواب المتشظي بالانقسامات والخلافات سيكون أمام إمتحان جديد بشقين، الأول التوافق بالحد الأدنى على تسمية رئيس مكلف يكون قادرا على إدارة الأزمة حتى نهاية العهد، والثاني قطع الطريق على جبران باسيل في أن يكون الآمر الناهي من خلال حكومة تحقق مصالحه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal