نوّاب التغيير: من خسارة معارك إلى اندماج في النّظام… عبد الكافي الصمد

بالكاد مرّ على استحقاق الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيّار الماضي أقل من شهر، حتى تبين أنّ نوّاب التغيير قد تلقوا أكثر من خسارة، جعلتهم يفقدون ثقة القاعدة الشعبية التي أولتهم ثقتها، وأن تصبح الشعارات التي رفعوها خلال الفترة الماضية مجرد كلام فارغ من مضمون يستحق التوقف عنده، أو أخذه بجدّيّة.

بعد صدور نتائج الإنتخابات النيابية خرج كثيرون يزعمون أنّ أنصار التغيير قد نجحوا في الفوز وسحقوا خصومهم، خصوصاً في طرابلس، وبعدها في بيروت، عندما جدّدت الأولى جلدها النيابي بالكامل لأوّل مرّة في تاريخها النيابي، وأوصلت الثانية إلى الندوة البرلمانية أسماء جديدة لأوّل مرة.

ولأنّ نوّاب التغيير ومن يقف وراءهم ما يزالون طارئين على العمل السّياسي في لبنان، ولا يملكون الخبرة الكافية ولا التجربة الواسعة التي تؤهلهم لخوض المعارك الإنتخابية والسّياسية، فإنّهم سرعان ما أخذتهم نشوة النصر المزعومة، وسكروا من زبيية، فرفعوا شعار إسقاط رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، أو تحجيمه، ولم يخفوا طموحهم وسعيهم وراء الفوز بمنصب نائب رئيس المجلس النيابي، معتبرين أنّ فوزهم بهذا المنصب، كونه قد يتعذر عليهم لأسباب سياسية وطائفية إسقاط بري، يعني تقدمهم خطوة أولى باتجاه ترجمة فوزهم في الإنتخابات إلى حقيقة، وتحكّمهم باللعبة البرلمانية، وتحوّلهم إلى رقم صعب في الحياة السياسية اللبنانية، وأن تصبح لهم الكلمة الأولى والعليا بما يتعلق بكلّ شاردة وواردة.

لكنّ نوّاب التغيير سرعان ما اصطدموا بالواقع اللبناني المعروف، وبجدار النظام الطائفي العالي والسميك، الذي يصعب تجاوزه أو اختراقه، واصطدموا أيضاً بلعبة أهل السّلطة الذين مهما اختلفوا في ما بينهم، فإنّهم يتفقون عند أوّل إشارة خطر تهدّد مواقعهم ومصالحهم.

فالرئيس برّي إنتخب رئيساً للمجلس النيابي للمرة السّابعة على التوالي، ولو بأصوات أقلّ من أيّ جولة إنتخابات سابقة، قبل أن يتلقى نواب التغيير ضربة قاسية بخسارتهم معركة إنتخابات منصب نائب الرئيس الذي فاز به النائب الياس أبو صعب من تكتل نواب التيّار الوطني الحر، بسبب إنقسام نوّاب التغيير على أنفسهم، وعدم وجود وحدة حال بينهم وبين نواب المعارضة في فريق 14 آذار.

ولأنّ الثالثة تكون ثابتة، كما يقول المثل الشّعبي الشّائع، فإنّ جلسة إنتخاب اعضاء اللجان النيابية التي جرت أمس، كشفت انّ نواب التغيير إندمجوا وذابوا في اللعبة السياسية سريعاً، بدل نسفها بالكامل إنطلاقاً من رفضهم لها وفق شعاراتهم السّابقة، فدخلوا في مساومة حول وجودهم من عدمه في اللجان النيابية، وترؤسهم بعضها، وهي مساومة تشبه البازار الذي لا يملكون أدوات النجاح في خوضه، ولا القدرة على مواجهة “حيتان” السياسة اللبنانية ودهاقنتها، نظراً لقلّة الخبرة لديهم، وطراوة عودهم السّياسي.

وهكذا، في غضون أقل من شهر خسر نوّاب التغيير 3 معارك إنتخابية وسياسية أساسية، ما فرض طرح أسئلة حول ماذا بقي من شعاراتهم السّابقة، وكيف سيواجهون قاعدتهم الشعبية بعد الذي جرى لهم، وإذا خسروا ما خسروه في أقل من شهر، فكم ستكون خسارتهم بعد شهر أو عام، أو شهرين أو عامين، إذا بقوا سائرين على المنوال ذاته؟..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal