نوّاب التغيير أين سينتهي بهم المطاف؟… عبدالكافي الصمد

هل يمكن أن تكون الدّعسات الناقصة التي خطاها نوّاب التغيير الجدد، والنكسات التي أصيبوا بها وهم في مستهل حياتهم السّياسية والنيابية، مؤشّراً على أدائهم في السّنوات الأربع المقبلة، وهي مدّة ولاية المجلس النيابي المحدّدة وفق الدستور اللبناني، وأن تكون هذه المدّة إنعكاساً واضحاً للسّياسة العامّة التي سيتبعونها؟

فقبل أنّ يمرّ شهر على انتخاب نوّاب التغيير الـ13، إلى جانب بقية النوّاب الذين فازوا في الإنتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في 15 أيّار الماضي، بدا الإرباك والضياع باديان على هؤلاء النوّاب، وعدم التماسك والإنسجام بينهما، وتضارب مصالحهم وتطلعاتهم وارتباطاتهم الداخلية والخارجية، ما أعطى إشارة واضحة على أنّ ما يفرّقهم أكثر ممّا يجمعهم.

هذان الإرباك والضياع ظهرا بشكل واضح في انتخابات يوم الثلاثاء الماضي لجهة إنتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه، إذ أعيد إنتخاب الرئيس نبيه برّي رئيساً للمجلس للمرّة السّابعة على التوالي، كما تم إنتخاب النائب إلياس بو صعب نائباً للريس، بأغلبية 65 صوتاً لكلّ منهما، ما أعطى تأكيداً أنّ الأكثرية النيابية ما تزال في يد فريق 8 آذار وحلفائه، ولو بأغلبية نيابية أقل من أغلبية إنتخابات 2018.

فلم يستطع نوّاب التغيير في ذلك اليوم بالتنسيق والتعاون مع فرقاء فريق 14 آذار في إسقاط برّي في انتخابات رئاسة المجلس، ولا إسقاط نائبه بو صعب والتيّار الوطني الحرّ المحسوب عليه من خلفه، بل ظهروا منقسمين على أنفسهم، متباعدين، ما يفرّقهم أكثر ممّا يجمعهم، ما فوّت عليهم فرصة لا تعوّض لإثبات حضورهم السّياسي والنّيابي.

هذا الفشل الذي تلقاه نوّاب التغيير في انتخابات رئاسة ونيابة رئاسة المجلس النيابي ينتظر أن يمتد إلى انتخابات رئاسة وعضوية اللجان النيابية التي ستجري يوم غد الثلاثاء في الجلسة التي دعا برّي لعقدها، والتي يُنتظر بأن تكشف أيضاً الحجم الفعلي لنوّاب التغيير وفريق المعارضة؛ وإذا خرجت النتائج بعدم تحقيق نوّاب التغيير أيّ نتيجة إيجابية، فهذا يعني بأنّهم تلقوا الخسارة وهم ما يزالون في مستهل حياتهم السّياسية والنّيابية، وأنّ هذه الخسارة قد تلازمهم طيلة فترة السّنوات الأربع المقبلة وصولاً حتى نهاية ولايتهم في أيّار 2026.

هذه التطوّرات والأحداث غير السّعيدة بالنسبة لنوّاب التغيير، ستكون دافعاً إلى التساؤل عن مستقبلهم النيابي، وكيف سيكملون ولايتهم، ومن هم حلفاءهم، ومع من سيتعاونون، وهل أنّهم سيبقون موحّدين شكلاً ومنقسمين مضموناً، أم أنّ التطوّرات المقبلة وما سيرافقها من نكسات وخسائر لهم ستجعلهم يزدادون إنقساماً، وأنّ الخلافات بينهم ستزداد عمقاً؟

ولأنّ هذه الخسائر التي بدأت تنزل بنوّاب التغيير باكراً، ستزداد سريعاً مع مرور الأيّام في حال عدم معالجتها بشكل فعلي وعاجل، فإنّ المناطق والدوائر الإنتخابية التي فازوا بها سوف تصاب بخيبات أمل كبيرة، وعلى رأسها تأتي مدينة طرابلس، الوحيدة التي بدّلت تمثيلها على نحو كامل، بعدما فاز كلّ نوّابها الثمانية لأوّل مرّة في الإنتخابات، من غير أن يؤطّروا أنفسهم ضمن تكتل سياسي أو نيابي، أو يلتحقوا بهذا الفريق أو ذاك، فكيف ستتعامل المدينة مع خيبة الأمل هذه، وبأيّ طريقة ستستوعبها، وما هي نتائجها على المدينة؟


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal