الآمالٌ بموسم سياحي واعد.. جدّية لإنعاش الإقتصاد أم مجرد فسحة؟… عبد الكافي الصمد

هل يلتقط لبنان أنفاسه إقتصادياً خلال فصل الصيف كما يأمل كثيرون، بالتزامن مع توقعات تشير إلى احتمال قدوم نحو مليون و200 ألف شخص إلى لبنان، غالبيتهم من المغتربين، ما سينعكس إيجاباً على الوضعين الإقتصادي والإجتماعي؟

هذه الآمال التي حفلت بها مؤخّراً مواقف عاملين ومسؤولين عديدين في القطاعين الإقتصادي والسياحي، فضلاً عن سياسيين، توقعت أن يتدفق على لبنان خلال فصل الصيف الجاري قرابة 3 مليارات دولارات، ما سيخفف من إختناق البلد الذي يعاني من أزمة تشتد عليه تباعاً عاماً بعد آخر منذ عام 2019، وما رافقها من إنهيار العملة الوطنية، وانهيار جزئي أو واسع على كل المستويات لقطاعات مختلفة، وهجرة أدمغة وعقول وأصحاب خبرات ورساميل، ما جعل البلد يفرغ تدريجاً من كفاءاته وطاقاته وإمكاناته.

توقع أن يكون فصل الصيف ناجحاً وواعداً بدأت أولى ملامحه بالظهور، بعد ارتفاع عدد السيّاح الوافدين في الفصل الأول من العام 2022 إلى استئناف النشاط الطبيعي عدا عن رفع إجراءات الإغلاق في البلد، بما في ذلك إغلاق المطار في آذار 2020، التي فرضتها الدولة لاحتواء تفشّي فيروس كورونا.

فقد أشارت الأرقام الصّادرة عن وزارة السياحة في هذا الصدد إلى أنّ عدد السياح الوافدين إلى لبنان بلغ 212،950 زائراً في الفصل الأول من عام 2022، أي بارتفاع بنسبة 155.8% من 83،260 زائراً في الفصل الأول من عام 2021، وارتفاع بنسبة 9.5% من 194،395 في الفصل الأول من عام 2020.

يأتي ذلك بالتزامن مع تقديرات أعلن عنها مؤخراً البنك الدولي حول حجم تحويلات المغتربين الوافدة إلى لبنان، وأنها بلغت (6.6 مليار دولار) في العام 2021، مقابل 6.2 مليار دولار في العام 2020، ليحلّ لبنان في المركز الثالث إقليميا بعد مصر (31.5 مليار دولار) والمغرب (10.4 مليار دولار). 

ما سبق يعني أنّ لبنان سيدخل إليه نقداً هذه السنة قرابة 10 مليارات دولار، وهو مبلغ يبدو كافياً لإخراج البلد من أزمته الخانقة، خصوصاً أنّ البنك الدولي قد وعد لبنان بتقديم مبلغ مالي أقل من المبلغ المذكور لإخراجه من أزماته، وإيقاف مسلسل إنهيار العملة الوطنية.

غير أنّ خبراء ماليين وإقتصاديين يرون، ردّاً على توقّعات البعض بأن يؤدّي تدفق أموال المغتربين والسّياح إلى تحسّن قيمة العملة اللبنانية واستردادها بعضاً من قوتها وعافيتها، إلى أنّ سعر صرف الدولار “لم يعد مرتبطاً بالعرض والطلب الإقتصادي، بل بالسياسة لأن قسماً كبيراً من هذه الأموال سيُصرف في السّوق الداخلية، أيّ في العملية التجارية الطبيعية في المطاعم والفنادق وغيرها، في حين أنّ القسم الآخر سيذهب إلى السّوق السوداء”، من هنا يستبعد الخبراء أن يكون لأموال القادمين، من مغتربين وسيّاح، تأثير كبير على سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.

لكنّ الآمال على قدوم المغتربين والسّياح من أجل تحسّن الوضعين المالي والمعيشي لا تبدو كبيرة، بعدما أصبحت السّياحة في لبنان حكراً على الأجانب والمغتربين بسبب الغلاء الفاحش في أسعار الفنادق والمطاعم وسيّارات الأجرة، ما جعل كثير من اللبنانيين يفضّلون السفر إلى تركيا، كونها باتت أرخص من لبنان، عدا عن مستوى خدمات أفضل.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal