هامش ضيّق بين الأغلبية والأقلية يشلّ البلد بانتظار تسوية… عبد الكافي الصمد

إنتهت الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيّار الماضي إلى ما انتهت إليه من نتائج، بقيت قرابة أسبوعين محل تخمين واستنتاج وتحليل، حول من ربح الأكثرية النّيابية ومن خسرها، على خلفية إدّعاء كل فريق أنه حاز الغالبية النيابية على حساب خصمه.

فما كادت تمضي ساعات على إعلان النّتائج حتى خرجت القوّات اللبنانية لتقول إنّها فازت بأكبر كتلة نيابية مسيحية على حساب منافسها التيّار الوطني الحرّ، الذي تراجع خلفها إلى المرتبة الثانية، قبل أن يردّ الأخير بتأكيده أنّه ما يزال يمتلك الكتلة الأكبر مسيحياً، وأنّ ادعاء القوّات لا أساس له من الصحّة، ما جعل كلّ فريق يُفنّد ويردّ على كلام الطرف الآخر طيلة فترة الأسبوعين التي تلت إعلان النتائج.

وعلى المنوال ذاته إدّعت القوّات اللبنانية وحلفائها في فريق 14 آذار أنّهم حازوا أيضاً في الإنتخابات النيابية على الأغلبية النيابية، أيّ النصف زائداً واحداً على الأقل، وأنّ أكثر من 65 نائباً على الأقل قد باتوا في صفّ هذا الفريق.

لكنّ فريق 8 آذار المناوىء، المكوّن أساساً من الثنائي الشّيعي والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة ومستقلين، خرج ليقول العكس، وليؤكّد أنّ الأغلبية النيابية التي فاز بها في انتخابات 2018 ما تزال في حوزته، وأنّ أيّ ادعاء غير ذلك ليس صحيحاً، وأنّ أوّل إستحقاق لهذا الإدّعاء سيُثبت ذلك.

لم يطل الأمر كثيراً لحسم هذا الجدال. ففي 31 أيّار الماضي، أيّ بعد 16 يوماً على إجراء الإنتخابات، جاءت جلسة إنتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه لتؤكّد وجهة نظر فريق 8 آذار، بعد فوز الرئيس نبيه بري ورئيس حركة أمل برئاسة المجلس للمرّة السّابعة توالياً، والياس بو صعب، عضو كتلة التيّار الوطني الحرّ، بمنصب نائب الرئيس، بعد حصول كلّ منهما على 65 صوتاً على التوالي.

غير أنّ هذه النتيجة أثبتت في المقابل ثلاثة أمور:

الأوّل: برغم فوز فريق 8 آذار بالمنصبين، بعد شدّ حبال وتجاذب وسجال سياسي وإعلامي كبير حولهما منذ انتهاء الإنتخابات وحتى قبل انعقاد الجسلة، فإنّ هذا الفريق الذي بدا متماسكاً بينما خصمه منقسم على ذاته، تراجع عددياً من 71 نائب في انتخابات 2018 إلى 65 نائب في انتخابات 2022.

ثانياً: إنّ الهامش البسيط والضيّق جدّاً بين الأكثرية والأغلبية الحالية في مجلس النوّاب، سوف يجعل الإستقرار السّياسي في لبنان خلال المرحلة المقبلة هشّاً للغاية، ومعرّضاً للإهتزاز عند أوّل خضّة، في بلد تكفي هبّة سياسية واحدة أن تقلب الأكثرية من كفّة إلى أخرى.

ثالثاً: ما سبق يعني أنّ لبنان سيقف وسيسير على حدّ السيف في المرحلة المقبلة، وأنّه في حال لم يتم التوصل إلى تسوية داخلية برعاية خارجية، فإنّ البلد سيشهد توتراً سياسياً حاداً عند كلّ إستحقاق، وأمام كلّ قضية، وحيال أيّ خلاف، وهو توتر سيؤدّي أيضاً إلى حالة جمود سوف تخيم على البلد الغارق في أزماته الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية حتى النخاع.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal