جلسة الثلاثاء.. الرئاسة معقودة لبري.. فمن يكون نائبه؟!… غسان ريفي

تُرخي الأزمة المالية بثقلها وبظلالها الكارثية على يوميات اللبنانيين الذين لم يعد لديهم أي قدرة على الصمود في ظل الفقر المدقع المعطوف على الغلاء الفاحش، ما ينذر بمجاعة حقيقية تطرق الأبواب، وتحتاج الى ورشة طوارئ إنقاذية ـ وطنية لمواجهتها بعيدا عن أية حسابات أو مصالح سياسية أخرى.

أمام كل هذه المآسي الاجتماعية والانسانية التي تشهدها البلاد نتيجة تفلت سعر صرف الدولار من عقاله ما يجعله يُحلق من دون سقف، يبدو الاسراع في إعادة تكوين السلطة من إنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة المكتب، الى تكليف رئيس جديد للحكومة وتسهيل مهمته في تأليفها، من الأولويات بما يعيد إنتظام الحياة السياسية بعد الانتخابات النيابية ويساعد على لجم التدهور، خصوصا في ظل الصلاحيات المحدودة لحكومة تصريف الأعمال.

حتى الآن تبدو الأزمة المعيشية في واد وأكثرية النواب المنتخبين في واد آخر، حيث لم يشعر المواطنون بالرغم من مرور إسبوعين على إنتهاء الانتخابات بأن شيئا ما قد يتغير على نحو أفضل، بل ربما يُدخل التغيير الذي حصل البلاد في متاهات هي بغنى عنها أمام حجم المصاعب التي تعصف بها، خصوصا أن بعض النواب يفتقرون الى الواقعية السياسية ويتناسون أن لبنان القائم على حساسيات طائفية ومذهبية ومناطقية، لا يمكن أن يُحكم إلا بالتوافق والتوازنات، وما دون ذلك يكون بديله التوترات التي قد تطل برأسها في أي وقت على وقع الانهيار المالي الكبير.

لا تسمح الظروف الضاغطة لأي من النواب في أن يكون لديه ترف الوقت، والمجال لم يعد واسعا أمام نواب الثورة للاستمرار باحتفالاتهم وإستعراضهم اليومي في مطاعم ومقاهي العاصمة، والتنظير بالانتصارات التي حققوها، فلا فوزهم يُطعم خبزا ولا إزالة الحواجز الباطونية من محيط مجلس النواب يُخفض سعر الدولار، ولا خوفهم من الانتقادات الشعبية يمكن أن يجعلهم منتجين، بل ثمة مسؤولية وطنية إنتخبوا لأجلها من المفترض أن يكونوا على قدرها بالتعاون والتنسيق مع كل مكونات مجلس النواب بما يخدم المصلحة الوطنية ويحقق تطلعات اللبنانيين.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون أي خطوة سياسية إيجابية تريح الأجواء وتساعد على الحد من إرتفاع سعر الدولار، تعطي بعض التيارات السياسية الأولوية لتصفية حساباتها، وتحقيق مصالحها، فبعد أن أهدرت أكثر من عشرة أيام في إحتساب الأكثرية والأقلية، تتجه اليوم الى التنافس الشرس على منصب نائب رئيس مجلس النواب، بعدما تبين لها أن الرئيس نبيه بري بات إنتخابه لدورة سابعة أمرا واقعا وأن ذلك سيحصل من الدورة الأولى برصيد 67 صوتا، مرشحين للارتفاع ربما الى أكثر من 70 في ظل الاتصالات الجارية وتراجع بعض النواب الذين إستعجلوا الرفض عن مواقفهم.

يمكن القول إن معركة مجلس النواب إنتقلت من الرئاسة المعقود لوائها للرئيس بري، الى نيابة الرئيس التي يتسابق إليها حزب القوات اللبنانية عبر مرشحه غسان حاصباني، والتيار الوطني الحر عبر مرشحه إلياس بو صعب، وإذا كان التيار يجري إتصالات من تحت الطاولة من أجل مقايضة إنتخاب الرئيس بري بانتخاب بوصعب نائبا له، فإن طرح القوات اللبنانية يبدو غير قابل للتنفيذ، خصوصا أنها منذ صدور نتائج الانتخابات تشن حربا على الرئيس بري وتضع المعايير والشروط، ومن الطبيعي أن يمتنع الثنائي الشيعي وحلفاؤه عن التصويت لمرشحها حاصباني.

وتشير المعطيات الى أن لا تهاون في قضية رئاسة مجلس النواب التي تحيط بها ميثاقية شيعية كاملة، وبالتالي فإذا أراد التيار الوطني الحر إيصال مرشحه بو صعب، فعليه أولا أن يصوت بكامل أعضائه للرئيس بري، وإلا فإن منصب نائب الرئيس قد يشهد ترشيح أربعة نواب من الروم الأرثوذكس، وقد يؤول الى النائب سجيع عطية أو الى النائب ملحم خلف في حال أصر التيار على قرار عدم التصويت لبري.

في الوقت الذي يتجه فيه الشارع الى مزيد من الغليان على وقع الأزمات المعيشية والاجتماعية، يفتتح النواب المنتخبون يوم الثلاثاء المقبل ولايتهم التشريعية بانتخاب سلطة المجلس، على أن يتبع ذلك إستشارات ملزمة يجريها رئيس الجمهورية لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة وهنا سيكون الامتحان الأصعب الذي إما أن يتم إجتيازه بنجاح، أو أن يُدخل لبنان الى فراغ طويل الأمد.


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal