شكلت تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمس والتي أكد فيها أن “الحوار الأساس الذي لا بديل عنه في لبنان هو في أن يجتمع مجلس الوزراء دون أية شروط مسبقة وأن تبتدئ ورشة العمل وفي مقدمها التفاوض مع صندوق النقد الدولي”، رسالة واضحة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل اللقاء المرتقب معه في قصر بعبدا خلال الأيام المقبلة للبحث في موضوع الحوار الذي كان دعا إليه.
يبدو أن الرئيس عون لم يقتنع حتى الآن بعدم جدوى الحوار وبعدم الحماسة السياسية تجاهه، حيث ما يزال يحاول عقد طاولته ولو بمن حضر من القوى والتيارات التي باشر معها حوارات ثنائية لاقناعها بضرورة المشاركة التي ولو حصلت فإن الحوار يبقى ناقصا في ظل مقاطعة تيار المستقبل والقوات اللبنانية وحزب الكتائب، وعدم تأكيد حضور جنبلاط الذي أعطت تغريدته الجواب الشافي، وكذلك تيار المرده الذي حرصت مصادره يوم أمس على التأكيد أن تلبية سليمان فرنجية لدعوة الرئيس عون الى قصر بعبدا لا تعني الموافقة على المشاركة التي سيُتخذ القرار بشأنها في وقت لاحق.
لا شك في أن الدعوة الى طاولة الحوار هو بمثابة اللعب في الوقت الضائع، ومحاولة حثيثة من رئيس الجمهورية من أجل تعويم عهده وإعطاء دفع لتياره السياسي برئاسة النائب جبران باسيل، وهذا ما ترفضه الأكثرية السياسية بالدرجة الأولى، وكذلك الأكثرية اللبنانية خصوصا أنه في الوقت الذي تتطلع فيه هذه الأكثرية الى كيفية لجم جنون الدولار الأميركي، وتأمين التيار الكهربائي، وتوفير الطبابة والاستشفاء، ووقف هذا الانهيار الاجتماعي المتسارع، يطرح رئيس البلاد بنودا للحوار من خارج الزمان والمكان مثل اللامركزية الادارية والمالية الموسعة التي تعترض عليها أطراف سياسية كونها تدعو الى “فدرلة مقنعة” وتدخل ضمن اللعبة الانتخابية، وكذلك الاستراتيجية الدفاعية التي تحتاج الى إعادة صياغة، وأيضا خطة التعافي الاقتصادي التي يعترض عليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كونها من صلاحيات الحكومة ولا علاقة لطاولة الحوار بها.
هذا الواقع، يعني أن الحوار الجمهوري المطروح بات مرفوضا من الأكثريتين السياسية والشعبية، ما يتطلب من بعض المتحمسين له أن يصبوا جهودهم على تسهيل مهمة رئيس الحكومة في عقد جلسات مجلس الوزراء، سواء في الجلسة التي قرر أن يدعو إليها لمناقشة الموازنة العامة والموافقة عليها وإرسالها الى مجلس النواب لاقرارها، خصوصا أن هذا الأمر بات أكثر من ضروري كونه يتعلق بمصير لبنان في المفاوضات المنتظرة مع صندوق النقد الدولي الذي تشير المعلومات الى أنه لن يحرك ساكنا من دون أن تكون على طاولته موازنة عامة تتضمن الاصلاحات المطلوبة، أو لجهة إستئناف عمل مجلس الوزراء بشكل طبيعي للتصدي للأزمات التي توحشت خلال فترة التعطيل وباتت تحتاج الى جهود مضاعفة لمواجهتها، فضلا عن إتخاذ القرارات اللازمة المتعلقة بالشؤون المعيشية التي لم يعد بالامكان تأجيلها في بلد يكاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
تقول مصادر سياسية مطلعة: إن من حق خمسة ملايين لبناني باتوا يفتقرون الى أدنى مقومات العيش الكريم، أن تتقدم مصالحهم ولو لمرة واحدة خلال مئة عام من عمر لبنان على المصالح والمكاسب والأنانيات السياسية والطائفية التي تتجسد يوميا في ملفات وقضايا وشعارات ومواقف لا تسمن ولا تغني من جوع!..
Related Posts