مجلس الوزراء أمام إستحقاقين دستوري ومصيري.. عنوانهما إقرار الموازنة!… غسان ريفي

لم يكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ينهي كلامه الايجابي في قصر بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون أمس الأول، لا سيما فيما يتعلق بالاعلان عن فتح دورة إستثنائية لمجلس النواب، وعن إستلام الموازنة العامة خلال يومين، وعن الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء لمناقشتها والموافقة عليها قبل إرسالها الى مجلس النواب لاقرارها، حتى بدأت التحليلات والاجتهادات والمواقف التي سارعت الى محاولة إجهاض هذا الأمل في الوصول الى حل، وذلك على خلفية قرار “الثنائي الشيعي” مقاطعة جلسات مجلس الوزراء طالما لم يصر الى إنهاء أزمة المحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت طارق البيطار.

ولم يكتف البعض بمحاولة الاجهاض هذه، بل سارع الى دق إسفين بين “الثنائي الشيعي” وبين الرئيس ميقاتي باعتبار أنه حاول حشره أو إحراجه بفرض أمر واقع عليه قبل الانتهاء من أزمة البيطار، في حين تناسى هؤلاء أن الممارسة السياسية للرئيس ميقاتي لم تقم يوما لا على المقايضة ولا على الضغط ولا على الاحراج، خصوصا أن الرجل يحرص منذ ما يقارب المئة يوم على عدم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد والاكتفاء بالاجتماعات الوزارية لعدم إستفزاز “الثنائي الشيعي” وحرصا على حضور ممثليه في الحكومة التي يفترض بالجميع الحفاظ عليها وعدم السماح بتفجيرها من الداخل كونها تشكل الفرصة الأخيرة للبلد.

تحدث ميقاتي بعد لقائه عون بكل صراحة، منطلقا من إستحقاقين إثنين يتعلقان بالموازنة العامة، الأول دستوري حيث من المفترض بحسب القوانين المرعية الاجراء أن يصار الى إقرار الموازنة بما يساهم في إنتظام مالية الدولة، والثاني مصيري يتعلق بصندوق النقد الدولي الذي ينتظر تقديم الموازنة العامة إليه ومن ضمنها سلة من الاصلاحات حيث سيباشر بالتفاوض مع لبنان على أساسها، وبالتالي لا يمكن لصندوق النقد أن يحرك ساكنا في عملية التفاوض طالما لم يصر الى إقرار الموازنة والاصلاحات المطلوبة.

بات معلوما أن حكومة الرئيس ميقاتي جاءت لتحقيق أهداف ثلاثة، التفاوض مع صندوق النقد الدولي تمهيدا لاستدراج المساعدات والقروض من الدول المانحة، والعمل من خلال ذلك على وقف الانهيار والبدء بمسيرة الانقاذ، وإجراء الانتخابات النيابية، وعندما تحدث الرئيس ميقاتي حرص على ربط إنعقاد مجلس الوزراء بمناقشة الموازنة والموافقة عليها، والاستفادة من فتح دورة إستثنائية لارسالها الى مجلس النواب وإقرارها، وليس لأي أمر آخر، أي أن جدول أعمال مجلس الوزراء ستكون أولويته الموازنة، وهذا يعني أن أية عرقلة في هذا الاطار تعتبر إلغاء لمهام الحكومة خصوصا أن الوقت لم يعد في مصلحة لبنان، لأن صندوق النقد قد يوقف عملية التفاوض عندما يقترب موعد الانتخابات النيابية، وهذا الأمر ليس في مصلحة أحد وسيكون له تداعيات كارثية، وهذا ما لن يرضى به رئيس الحكومة.

في هذا الاطار ترى مصادر سياسية مطلعة، أن الأمل الوحيد للسير بعملية الانقاذ في لبنان هو التفاوض مع صندوق النقد الدولي والافراج عن المساعدات الموعودة، لذلك على كل الأطراف تقدير حجم المخاطر الناجمة عن تعطيل عملية التفاوض أو عرقلتها، التي تعتبر بمثابة إنتحار أو نحر للبلد، وضرب للمصلحة الوطنية العليا، لافتة الانتباه الى أن لا مصلحة لأي كان بدفع الأمور نحو هذا المنزلق الخطير الذي لن يُسقط الهيكل على فئة أو شريحة من اللبنانيين بل سيكون الانهيار شاملا وربما يصل الى الارتطام المدمر الذي يخشاه الجميع.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal