ماذا بعد تعليق الحوار؟… غسان ريفي

ترك يوم الغضب أمس سلسلة مؤشرات لا يمكن القفز فوقها أو تجاهلها، لاسيما لجهة غليان الشارع المفتوح على كل أنواع الاستخدامات في ظل إنقسامات سياسية عامودية، وضغط غير مسبوق على الأجهزة الأمنية والعسكرية، وإنهيار كارثي على كل الصعد المالية والاجتماعية والمعيشية والاستشفائية والانسانية، وتنامي حضور الكثيرين ممن يتحينون الفرص للاصطياد بالماء العكر أو لتنفيذ أجندات معينة.

هذا الواقع، يضع البلاد على فوهة بركان بات إنفجاره وشيكا، إذا لم تتحل السلطة السياسية ببعض من المسؤولية الوطنية التي تحتم عليها أن تتناسى الانتخابات والتجاذبات والنفوذ والمكاسب والمصالح وأن تتطلع فقط الى كيفية إنتشال اللبنانيين من الدرك الذي وصلوا إليه.

علّق رئيس الجمهورية ميشال عون طاولة الحوار مؤقتا بعدما أخفق في تأمين نصابها السياسي تاركا الدعوة إليها مفتوحة حفاظا على ماء الوجه، لكنه في الوقت نفسه فتح على هامشها معارك جانبية مع المعارضين لها من المعتذرين والمقاطعين عبر توجيه سلسلة من الاتهامات إليهم وتحميلهم مسؤولية الخراب الذي يمكن أن يحصل، وذلك في محاولة واضحة لاستهدافهم على المستويين السياسي والشعبي عشية الانتخابات النيابية بما يصب في مصلحة التيار الوطني الحر، ما إستدعى ردودا سواء بالتصريح أو بالتلميح على الرئيس عون ذكرته بالتعطيل الذي مارسه خلال مسيرته السياسية وشلّ من خلاله البلد ومصالح البلاد والعباد.

لا يختلف إثنان على أن رئيس الجمهورية يواجه في نهاية عهده مع تياره السياسي أزمات كبرى تضاعفت بعدم نجاح الحوار وتمثلت بالتوتر الذي بدا واضحا على النائب جبران باسيل الذي دعا الى “عقد طاولة الحوار بمن حضر وليتحمل المعارضون مسؤولياتهم”، من دون أن يتوانى عن شن هجوم على الثنائي الشيعي محملا إياه “مسؤولية تعطيل الحكومة وتداعيات ذلك”.

ما لم يقله عون مباشرة قاله باسيل الذي يبدو أنه يتجه لفتح معارك بديلة عن طاولة الحوار تتشعب بين مواجهة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومحاربة المجلس الدستوري، والهجوم على مجلس النواب، وإتهام الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بعدم تفعيل العمل الحكومي، وإستهداف حزب الله لاستمالة الشارع المسيحي، وفتح النار على تيار المردة لرفضة وصل ما إنقطع مع التيار الوطني الحر.

كل ذلك، يؤكد أن الأمور تتجه نحو مزيد من رفع السقوف التي ستضاعف من التأزيم، في وقت تُجمع فيه أكثرية الأطراف على أن الحكومة باتت خشبة الخلاص الوحيدة في البحر اللبناني الهائج، خصوصا أن تنفيس غضب الناس يحتاج الى إجتماع مجلس الوزراء للايفاء بالوعود التي قطعت الى قطاع النقل، ولإقرار المساعدات الاجتماعية لموظفي القطاع العام المحتجزة لدى رئيس الجمهورية، وللموافقة على الموازنة وإرسالها الى مجلس النواب، والمباشرة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي للبدء باستدراج المساعدات والهبات المالية، إضافة الى إتخاذ القرارات بشأن الكهرباء الأردنية والغاز المصري ومساعدة العائلات الأكثر فقرا، وسائر الأزمات المعيشية التي تحتاج الى خلية نحل حكومية تساهم في بث بعض الايجابيات التي من شأنها أن تنعكس إيجابا على الأسواق المالية، وأن تمهد الطريق أمام إجراء الانتخابات النيابية التي يمكن القول أنها بدأت تترنح تحت وطأة الأزمات المعيشية، حيث كيف لدولة أن تجري إنتخابات وأكثرية موظفيها مضربين عن العمل، وسائقيها يقطعون الطرقات، ومواطنيها غير قادرين على تأمين لقمة العيش، ومحروقاتها لم تعد في متناول الجميع؟، أم أن ما يجري وما يمكن أن تشهده البلاد لاحقا من تصعيد سيكون بمثابة تمهيد لضرب الاستحقاق الانتخابي؟..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal