الحوار ضائع والانتخابات مهددة.. ماذا عن الحكومة؟… غسان ريفي

منذ أن تعطلت جلسات مجلس الوزراء في 12 تشرين الأول الفائت، توقفت عملية الانقاذ التي كانت تسير بشكل منظم وفقا لبنود البيان الوزاري للحكومة التي شكلت لجانا عدة لتنفيذها على وجه السرعة، وحلّ بدلا منها سلسلة من الخطوات الإرتجالية التي تدل على حجم التخبط لدى مختلف القوى السياسية التي يبدو أنها تتعاطى مع مصير الوطن وشعبه بحسب مصالحها الطائفية تمهيدا للانتخابات النيابية المقبلة.

بالأمس، فُتح باب الترشيح للانتخابات النيابية المقررة في 15 أيار المقبل، حيث لم يجرؤ أي من المرشحين على تقديم ترشيحه في اليوم الأول، في حين تزامن ذلك مع تجدد الأزمات على وقع جنون الدولار الذي بلغ عتبة الـ33 ألف ليرة، حيث عاد الحديث عن طوابير الذل أمام محطات المحروقات رغم الارتفاع المضطرد في أسعارها، وكذلك أمام الأفران في ظل تسريبات عن رفع الدعم عن الطحين ما دفع المطاحن الى الاحجام عن تسليم الكميات المطلوبة لها، وأيضا أمام شركات الاتصالات للحصول على بطاقات التشريج.

هذا الواقع المأساوي في كل جوانبه، أدى الى تجدد أعمال قطع الطرقات بالاطارات المشتعلة، وذلك تمهيدا ليوم الغضب الذي أعلنه قطاع النقل البري يوم الخميس المقبل، ما ينذر بمزيد من التوترات التي من شأنها أن تطرح سلسلة تساؤلات لجهة: هل هي صدفة تزامن الأزمات المتجددة وقطع الطرقات مع فتح باب الترشيح للانتخابات النيابية؟، وهل بدأ سيناريو تأجيل الانتخابات تحت وطأة الواقع المعيشي الكارثي وغلاء الدولار والغضب الشعبي؟، أم أن  الحملات الانتخابية إنطلقت بهدف تسجيل النقاط بين القوى السياسية باستغلال أوجاع ومعاناة اللبنانيين؟.

في غضون ذلك، ما يزال رئيس الجمهورية ميشال عون يفتش عن حوار ضائع، وفاقد للميثاقية في حال عقدت طاولته بمن حضر، لا سيما في ظل مقاطعة تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، وعدم حماسة تيار المرده، ومشاركة واجب من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي كرئيسين لمؤسستين دستوريتين هما مجلس النواب والحكومة، في حين أن أساس الحوار هو مشاركة هذه القوى التي تختلف سياسيا مع رئيس الجمهورية، ما يعني أن إقتصار المشاركة على حلفاء العهد يجعل الحوار لزوم ما لا يلزم.

تشير بعض المصادر الى أن رئيس الجمهورية يهدر وقته على محاولة جمع القوى السياسية على حوار من طرف واحد، خصوصا أن أسبابا عدة تمنع بعض هذه القوى من المشاركة أولا لجهة التوقيت غير الملائم حيث كان من المفترض أن توجه هذه الدعوة قبل إستفحال الأزمات السياسية والمعيشية والاجتماعية، وثانيا، الموقف السلبي من عون كطرف سياسي يحاول تعويم عهده بالحوار وأعطاء جرعة معنوية لرئيس تياره جبران باسيل بحجز مقعد له على طاولة الحوار، وأيضا البنود المطروحة التي تشكل كل منها مادة خلافية، من اللامركزية المالية الموسعة التي يعتبرها كثيرون مخالفة لاتفاق الطائف وتهدف الى طرح فيدرالية مقنعة، مرورا بالاستراتيجية الدفاعية التي لا يحبذ حزب الله الغوص فيها في ظل الظروف الراهنة، وصولا الى خطة التعافي الاقتصادي التي يعترض عليها رئيس الحكومة كونها من المفترض أن تكون على طاولة مجلس الوزراء وليس على طاولة الحوار.

أمام كل ذلك، ترى هذه المصادر أن كل تلك العناوين والبنود من المفترض أن تسقط أمام الأزمات المتوالدة ومعاناة اللبنانيين التي تحتاج الى تفعيل العمل الحكومي فورا، وبالتالي فإن كل جهد يمكن أن يُبذل خارج السعي لاستئناف جلسات مجلس الوزراء سواء لمناقشة الموازنة العامة أو للتصدي لهذه الأزمات من شأنه أن يضاعفها وأن يُضعف الدولة وحضورها وصولا الى الانفجار.


Related Posts


   

Post Author: SafirAlChamal