بين التفاؤل والتشاؤم.. ″الايجابيات″ لا معنى لها من دون ترجمة حكومية!!… غسان ريفي

لم يعد أحد من اللبنانيين يجرؤ على الافراط بالتفاؤل حيال تشكيل الحكومة، خصوصا أن التجارب السابقة لا تبشر بالخير، في ظل المطالب المتلاحقة من رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب في الحقائب الوزارية متوجة “بالثلث المعطل”، ما دفع بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي أكثر من مرة الى التوجه نحو قلب الطاولة لولا التمنيات الدولية عليه بالتحصن بالصبر خصوصا أن القاصي والداني في الداخل والخارج باتوا على قناعة أن الاعتذار سيكون له تداعيات كارثية على كل المستويات.

من جديد برزت صباح امس بعض المؤشرات الايجابية داخليا وخارجيا، إلا أن هذه المؤشرات كانت تحتاج الى ترجمة عملية على أرض الواقع لكي تساعد في ولادة الحكومة.

خارجيا، بدا لافتا الاهتمام الأميركي بتشكيل الحكومة، حيث بدأ وفد الكونغرس الأميركي الذي أعطت زيارته انطباعا عن عدم ترك لبنان للانهيار، يسأل عن الالتزام الذي قدمه عون بولادة الحكومة آخر الاسبوع الفائت، إضافة الى “قبة الباط” الأميركية التي أفضت الى زيارة الوفد الوزاري اللبناني الى سوريا للبحث في كيفية تأمين إستجرار الغاز المصري والتيار الكهربائي من الاردن عبر الأراضي السورية.

كما أعطى حراك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قوة دفع لعملية التأليف، من خلال الاتصال الذي تم بينه وبين الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي الذي أكد لماكرون إستعداد إيران للمساعدة في تسريع ولادة الحكومة اللبنانية، وهذا يُعتبر أول تصريح علني إيجابي عن تشكيل الحكومة يصدر من إيران، فضلا عن الاتصال الذي جرى بين وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان مع النائب جبران باسيل وتم خلاله البحث في الشأن الحكومي، ما اعطى انطباعا اضافيا ان التعطيل يكمن في مطالب صهر العهد.

تشير المعطيات الى أن قوة الدفع الخارجية من أجل تشكيل الحكومة قد تكون الأخيرة، خصوصا بعدما لمس بعض المتابعين والمطلعين بأن همة الخارج بدأت تفتر تجاه لبنان نتيجة إمعان سلطته السياسية في تعطيل تشكيل الحكومة، وبالتالي إدارة الظهر لكل المساعدات التي من المفترض أن تقدم له بعد نيل الحكومة الثقة في مجلس النواب.

أما المؤشرات الداخلية التي تم البناء عليها يوم امس فتتمثل بإعادة تشغيل محركات المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي إلتقى الرئيس عون مجددا للبحث في المخارج للعقد المتبقية، إضافة الى الحراك المستجد للخليلين باتجاه الرئيس المكلف، وتحرك حزب الله باتجاه باسيل الذي تشير المعلومات الى أنه باشر بإجراءات تعيين محام لمتابعة ملف العقوبات الأميركية بحقه، إضافة الى تلقف الرئيس ميقاتي لهذه المؤشرات بإبداء استعداده لأخذ ملاحظات الرئيس عون على التشكيلة الحكومية بعين الاعتبار، وإعادة دراستها وتقديمها بصيغة جديدة شرط أن لا تتضمن الثلث المعطل وأن لا تتعارض مع جوهر مسلمات التأليف التي يتمسك الرئيس ميقاتي بها.

تقول مصادر سياسية متابعة: إن هذه المؤشرات تحتاج الى ترجمة عملية على الأرض، لا سيما في قصر بعبدا، حيث على الرئيس ميشال عون أن يقتنع بأن لا ثلث معطلا لأي تيار سياسي في هذه الحكومة، وأن الرئيس ميقاتي يأتي بمهمة إنقاذية تتطلب فريقا وزاريا متخصصا متجانسا قادرا على وقف الانهيار، هذا الاقتناع يبدو انه لم يتبلور بعد، ما ادى الى تراجع الايجابيات تدريجيا مع حلول المساء.

وتضيف هذه المصادر: لم يعد من الجائز وضع شعب لبنان العظيم في ارجوحة التفاؤل صباحا، وارجوحة التشاؤم مساء، وربط مصيره بالمصير السياسي لتيار ميشال عون ورئيسه جبران باسيل.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal