طرابلس تعاني تسيّباً أمنيّاً خطيراً.. والآتي أعظم!… عبد الكافي الصمد

لا يكاد يمرّ يوم في طرابلس من غير أن تشهد فيه وقوع إشكالات مختلفة يحصل فيها تضارب وإطلاق رصاص، ويسقط بسببها ضحايا وجرحى، عدا عن حالات السّرقة في كل أحياء ومناطق المدينة وجوارها، ما جعل التسيّب الأمني سيّد الموقف فيها.

بعض الإحصائيات التي تقوم بها جهات أمنية أو مراقبة، أحصت في الآونة الأخيرة ما لايقل عن 15 حادث أو إشكال ما تشهده طرابلس كلّ ليلة، من إطلاق نار، وتضارب، وسرقة، وتعدّيات وغيرها، إلى حدّ دفع المواطنين إلى تحميل الأجهزة الأمنية وفاعليات المدينة مسؤولية  التفلّت الأمني الحاصل فيها، والذي جعل أغلب أهالي المدينة يخشون الخروج من بيوتهم ليلاً، ولو كان لأمر ضروري.

فالمدينة التي عانت الأمرّين منذ انطلاق شرارة الحراك الشّعبي في 17 تشرين الأول 2019، من إحتجاجات وقطع طرقات واعتداءات على المؤسّسات الرسمية، وإقفال شلّ أغلب أسواق المدينة ومحالها التجارية بسبب الإضطرابات التي شهدتها، زاده الطين بلّة تفشي فيروس كورونا فيها، وتردّي الأوضاع الإقتصادية والمعيشة، وانهيار الليرة اللبنانية، وازدياد نسبة الفقر المدقع في المدينة، التي أشارت تقديرات إلى أنّ أكثر من 70 في المئة من سكانها يعيشون تحت خط الفقر.

عاصمة الشّمال التي يبدو كأنّه لا ينقصها مزيدا من القهر والحرمان، وقعت في الآونة الأخيرة فريسة طوابير طويلة من الذلّ أمام محطات المحروقات والأفران والصيدليات وغيرها، وانقطاع التيار الكهربائي عنها، وتوقف أغلب مولدات الإشتراك الخاصة فيها عن العمل، بسبب نفاد مخزونها من المازوت وارتفاع سعره بشكل جنوني في السوق السوداء، برغم وجود مصفاة نفط فيها ـ مصفاة البداوي ـ لا تستفاد منها إلا بالفتات، وبرغم وجود معملين لإنتاج الكهرباء في جوارها، معمل دير عمار ومعمل الحريشة، ومع ذلك فإنّ الظلام يخيّم عليها إلى درجة تبدو معها ليلاً وكأنّها مدينة أشباح.

أسئلة كثيرة طرحها المواطنون على أنفسهم وعلى المسؤولين حول الأوضاع المزرية في طرابلس، من غير أن يلقوا جواباً، أبرزها عن دور الأجهزة الأمنية في ضبط وضع المدينة الأمني باعتبارها المعنّي الأول والأساسي عنه، ولماذا هذا التسيّب الأمني الذي يبدو محميّاً سياسيّاً وأمنيّاً، ولمصلحة من يحصل ذلك، وماذا أيضاً عن دور السّياسيين الذين يبدون غائبين كليّاً عن مشاكل وأوجاع المدينة، والفاعليات الإقتصادية والتجارية والإجتماعية، والبلدية واتحاد بلديات الفيحاء وغرفة التجارة والصناعة والزراعة وغير ذلك من المؤسّسات المعنية بأمر المدينة، لماذا هم غائبون عن السّمع، ولمن يتركون المدينة تستباح وتنتهك وتفقر، وإذا لم يتحركوا هم لنجدتها فمن يفعل؟

لا ينكر أحد أنّ الأيّام الماضية كانت صعبة جدّاً، وأنّه لم يشهد الطرابلسيون واللبنانيون أيّاماً صعبة مثلها حتى في أيّام الحرب الأهلية وجولات الإشتباكات، لكنّ مؤشّرات عدّة مقلقة تفيد بأنّ الأيّام المقبلة ستكون أكثر صعوبة، وأنّه إذا استمر المعنيون في مقاربة ومعالجة ملفات المدينة ومشاكلها بالطريقة الحالية، من سطحية واستهتار وفساد، فإنّ انفجار الأوضاع في طرابلس وجوارها سيكون هائلاً جداً في الأيّام المقبلة، بعدما لم يعد لدى من سينزلون إلى الشّارع أيّ شيء يخسرونه.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal