وفدٌ وزاري لبناني في سوريا.. فكّ الحصار عن البلدين!… عبد الكافي الصمد

أكثر من هدف أصابت زيارة الوفد الوزاري اللبناني الرسمي إلى العاصمة السّورية دمشق يوم السّبت الماضي، وفتحت الآفاق أمام مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين بعد عشر سنوات عجاف وقطيعة على المستوى الرسمي، ألحقت بالبلدين أضراراً كبيرة، لكنّ الأضرار التي أصابت لبنان كانت أكبر.

ومع أنّ زيارة الوفد اللبناني كانت بهدف البحث مع الجانب السّوري كيفية إستجرار الغاز المصري والكهرباء من الأردن عبر سوريا إلى لبنان، إلا أنّ الطابع الإقتصادي للزيارة لم يلغ الطابع السّياسي عنها، ولم يحجبه، ما أعطى الزيارة أهمية كبرى ستسمح بإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين، ومناقشة الكثير من الملفات العالقة بينهما، والتي تعني لبنان وتهمّه أكثر من سوريا.

ولعلّ أبرز ما يمكن إستخلاصه من زيارة الوفد الوزاري اللبناني إلى دمشق، النقاط التالية:

أولاً: أنهت الزيارة قطيعة بين البلدين ناهزت عقداً من الزمن لم تكن الأحداث المؤلمة التي شهدتها سوريا هي السبب فقط، بل إتخاذ لبنان الرسمي قراراً بالإبتعاد عن سوريا وعدم التواصل معها، تحت ضغوط عربية ودولية مورست عليه؛ ومع أنّ عودة لبنان إلى التواصل رسمياً وحكومياً مع سوريا جاءت بضوء أخضر دولي، وعدم ممانعة من الدول العربية المؤثّرة في القرار اللبناني، فإنّ مسارعة لبنان الرسمي إلى دمشق وفتح قنوات وأبواب حوار ونقاش مع الحكومة السّورية، دلّت أنّ الجانب اللبناني الرسمي، والشّعبي قبله، كان ينتظر الإقدام على هذه الخطوة منذ سنوات.

ثانياً: يُنتظر أن تُسهم زيارة الوفد اللبناني الرسمي لدمشق بالإسراع في بتّ إستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وحلّ مشكلة الكهرباء التي يعاني منها اللبنانيون منذ سنوات، وما الإعلان بعد الزيارة اللبنانية إلى دمشق عن إجتماع رباعي سيعقد يوم الأربعاء المقبل في العاصمة الأردنية عمّان، سيضم إلى جانب الأردن كلّاً من لبنان وسوريا ومصر، سوى دليل على أنّ الموضوع يحظى باهتمام على أعلى المستويات، ويتابع بجدّية.

ثالثاً: من شأن زيارة الوفد اللبناني الرسمي أن تساعد بلا شكّ في فتح أبواب التواصل على مصراعيها بين لبنان وسوريا، من أجل مناقشة الكثير من الملفات والقضايا العالقة التي تهمّ البلدين، من تفعيل التعاون والتبادل الإقتصادي بينهما، بما يؤدّي إلى التكامل الإقتصادي بينهما، وبحث ملفات النازحين السوريين في لبنان، والحدود، والتهريب، وتسهيل العبور بين البلدين، إنطلاقاً من المصالح المشتركة للبلدين، وعلاقات التاريخ والجغرافيا بينهما، وتحديداً لبنان الذي تعتبر سوريا الرئة التي يتنفس منها على كلّ الصعد وفي كلّ المجالات.

رابعاً: مع أنّ زيارة الوفد اللبناني الرسمي إلى دمشق جاء بعد “قبّة باط” أميركية، فإنّ الزيارة وما سبقها من فتح موضوع إستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وما سيتبعها من زيارات ومناقشات بين بلدين مصالحهما متداخلة ومشتركة إلى أبعد الحدود، كسرت الحصار الأميركي المفروض على البلدين قسراً منذ سنوات، ودلّت على حجم “الخطيئة السّياسية” التي ارتكبها لبنان الرسمي طيلة سنوات القطيعة السّابقة، والتي يفترض به إصلاحها وتعويضها في الأيّام المقبلة، حرصاً على مصلحة لبنان وسوريا معاً.


مواضيع ذات صلة:


     

Post Author: SafirAlChamal