الأزمة اللبنانيّة على الرفّ وجمود سياسي يدفع الأمور نحو الأسوأ… عبد الكافي الصمد

لا بوادر إيجابية تلوح في الأفق تشير إلى أنّ الأزمة الحكومية في طريقها إلى الحلّ، وكذلك الأمر بالنسبة للأزمة الإقتصادية التي تضرب عميقاً في مختلف فئات المجتمع اللبناني، وإذا ما صدرت أيّ إشارة إيجابية في هذا الصدد فإنّها غالباً ما تكون خجولة وسرعان ما تتلاشى وتختفي وسط كمّ هائل من المؤشّرات السّلبية.

من الأمثلة على ذلك اللقاء الثلاثي الذي عقد يوم الإثنين الفائت في 28 حزيران الماضي بين وزراء الولايات المتحدة الأميركيّة أنطوني بلينكن، وفرنسا جان إيف لودريان، والسّعودية فيصل بن فرحان، على هامش إجتماع وزراء خارجية “مجموعة العشرين” في مدينة ماتيرا جنوب إيطاليا، وكان الأوّل من نوعه الذي يعقد بين مسؤولي الديبلوماسيّة الخارجيّة في البلدان الثلاثة، ويجري التطرّق فيه علانية للملف اللبناني.

حاول البعض أن يبثّ بعض الأمل في اللقاء المذكور، ويستنتج أنّ المجتمعين أمسكوا طرف خيط الأزمة اللبنانية ووضعهم العقدة الحكومية على سكّة الحلّ، إنطلاقاً من أنّ الموقف السعودي غير المرحّب بتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة قد تغيّر نسبياً من السّلبي إلى الإيجابي، لكنّ خيط الأمل الضئيل هذا سرعان ما تلاشى عندما تجاهل الإعلام السعودي اللقاء المذكور، وتحديداً تغريدة الوزير الأميركي عقب اللقاء التي تطرق فيها إلى الأزمة اللبنانية.

ترافق ذلك مع معلومات ومواقف وتسريبات إعلامية مختلفة تحدثت عن أنّ الحريري قد وضع اللمسات الأخيرة على خطاب اعتذاره عن تأليف الحكومة، وأنّه ينتظر اللحظة المناسبة للإعلان عن هذا الإعتذار، وأن سيناريوات عدّة رسمت لهذا الإعتذار وما بعده من تداعيات، إمّا أن يسمّي الحريري شخصية مقربة منه لهذه المهمّة، وإما أن لا يفعل، بل يقوم بقلب الطاولة في وجه رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السّياسي، وعلى رأسه صهره ورئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ما يفاقم من الأوضاع السّياسية ويزيدها تأزّماً، ويكون لها إرتدادات سلبية واسعة على كل الصعد.

وزاد نسب القلق والخوف في مختلف الأوساط ما جرى خلال الأسبوع الماضي من تطوّرات بالغة الخطورة على الأرض، ما تزال مستمرة حتى الآن، جعلت التحرّكات الإحتجاجية تخرج عن خطّها وأهدافها، من فوضى وانفلات أمني جعلت الأمور تخرج عن السيطرة، خصوصاً في طرابلس والبقاع، ووضعت الجيش اللبناني والقوى الأمنية على اختلافها تحت ضغط كبير في سبيل السيطرة على الأوضاع أولاً، ومن ثم لإعادة الأمور إلى نصابها.

واكب تلك التطوّرات غير المطمئنة مواقف مسؤولين في جهات دولية فاعلة ومؤثّرة في لبنان والمنطقة تصبّ في هذا الإطار، وهو ما أشار إليه السّفير الروسي السّابق في بيروت، ألكسندر زاسبكين، بقوله أمس أن “الأوضاع الداخلية اللبنانية لم تتحرّك حتى الآن بشكل ايجابي”، ما يعطي دلالة واضحة على أنّ الجمود ما يزال سيد الموقف، وأنّ الأزمة اللبنانية موضوعة على الرفّ بانتظار ظروف داخلية وخارجية لم تنضج بعد.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal