إهتمام دولي بالأزمة اللبنانية.. إنّما الحسم مؤجل!… عبد الكافي الصمد

كان اللقاء الثلاثي الذي عقد يوم أمس بين وزراء الولايات المتحدة الأميركيّة أنطوني بلينكن، وفرنسا جان إيف لودريان، والسّعودية فيصل بن فرحان، على هامش إجتماع وزراء خارجية ″مجموعة العشرين″، في مدينة ماتيرا جنوب إيطاليا، الأوّل من نوعه الذي يعقد بين مسؤولي الديبلوماسيّة الخارجيّة في البلدان الثلاثة، ويجري التطرّق فيه علانية للملف اللبناني.

لم تتسرّب الكثير من المعلومات عن فحوى نقاشات اللقاء، ولا ما دار فيه أو ما جرى الإتفاق عليه، سوى أنّ الإجتماع الثلاثي لم يكن معدّاً له مسبقاً، ما يعني بشكل واضح أنّ ظروفاً طارئة قد فرضته على جدول أعمال الوزراء الثلاثة، وأنّ تأجيل البحث في ملف الأزمة اللبنانية، الذي ما يزال يراوح في دائرة التعقيد ويدفع البلد نحو مزيد من الإنهيار، لم يعد ممكناً بعد مرور أكثر من سنة ونصف على بدء تدهور الأوضاع في البلاد من سيّىء إلى أسوأ.

غير أنّ اللافت أنّ الإجتماع الثلاثي المذكور لم يصدر عنه أيّ بيان، إذ يبدو أنّ الذين شاركوا فيه قد اكتفوا بتغريدة أطلقها بلينكن حضّ فيها المسؤولين اللبنانيين على التعاون في ما بينهم لمعالجة الأزمات التي يشهدها بلدهم، عندما أشار إلى أنّ الوزراء الثلاثة ناقشوا “الحاجة إلى أن يُظهر القادة السياسيون في لبنان قيادة حقيقية، من خلال تنفيذ الإصلاحات التي طال إنتظارها، لتحقيق الإستقرار في الاقتصاد، وتوفير الإغاثة التي يحتاج إليها الشعب اللبناني بشدّة”.

وما يلفت في اللقاء أيضاً المعلومات التي نُشرت عن أنّ بلينكن عقد لقاءً ثنائياً في إيطاليا على هامش القمّة مع بن فرحان، لكنّ الملف اللبناني كان غائباً عنه، بينما حضر على طاولة اللقاء بين الوزيرين “ملفي الحرب الدائرة في اليمن وحقوق الإنسان”، ما أعطى إشارة مضادة عن اللقاء الثلاثي، وهي أنّ الملف اللبناني ليس في سلّم أولويات العلاقة بين واشنطن والرياض في هذه المرحلة، وأنّ الفرنسيين هم الذين دفعوا باتجاه عقد اللقاء الثلاثي، ومناقشة الملف اللبناني فيه.

لكن تغريدة بلينكن التي لم تتطرق إلى الملف الحكومي العالق منذ نحو أكثر من أشهر، لحظت بين سطورها ثلاث نقاط هي: أولاً ضرورة أن يظهر القادة السّياسيون في لبنان قيادة حقيقية، وهي إشارة تعبّر عن عدم رضى البيت الأبيض على الأقل من المسؤولين السياسيين في لبنان؛ وثانياً التأكيد على ضرورة تنفيذ الإصلاحات المنتظرة لتحقيق الإستقرار المنشود في الإقتصاد، وهي نقطة تبدو مرتبطة بشكل وثيق بالأولى؛ وثالثاً ضرورة توفير الإغاثة للشّعب اللبناني، إنّما من غير أن يكشف بلينكن، بعد اعترافه بأزمة الشعب اللبناني وضرورة إغاثته، إذا ما كانت عملية الإغاثة ستتم عبر الحكومة اللبنانية التي ينتظرها اللبنانيون والمجتمع الدولي، أم أنّ هذه الإغاثة ستأتي من الخارج من غير أن تمرّ بالحكومة اللبنانية.

ما تقدم يكشف أنّ الأزمة اللبنانية ليست منسية، لكنها ليست في رأس أولويات الدول المعنية بالملف اللبناني، الذي يستدعي معالجته خطوتين: الأولى إقدام السّعودية على خطوة معينة في هذا المجال، إما بدعمها الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي تسود علاقته مع الرياض أزمة عميقة، أو بدعم غيره، لكن يبدو أنّ الرياض لم تحسم بعد أمرها في كلا الأمرين.

أمّا الخطوة الثانية فهي ضرورة حضور إيران إلى جانب الدول الثلاثة نظراً لتأثيرها البارز وحضورها الهام في لبنان، ولا يمكن تجاوزها بأي شكل في مناقشة الملف اللبناني، ولكن بما أنّ طهران والمجتمع الدولي مشغولان هذه الأيّام بما يتعلق بالملف النووي الإيراني، كونه أكثر أهمية بما لا يقاس بالملف اللبناني، فهذا يعني أنّ على الأخير الإنتظار لوقت ليس قصيراً حتى يبتّ بأمره.

   


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal