رئاسة الحكومة ليست حقل تجارب، والحل بالدستور لا برمي الأسماء “للزكزكة والحرق”

وكأن البعض لم يتعظ من الانهيار المتدحرج بسرعة قياسية في لبنان، فها هو مستمر في سياسة العناد والمكابرة والنكران، واهما نفسه وجمهوره بأنها النهج السليم “لاستعادة الحقوق وعناصر القوة” التي لم تكن في يوم من الايام الا على قاعدة التعاون الوطني الصادق والشراكة الحقيقية بين جميع ابناء الوطن.

ويبدو ان هذا البعض، يستقوي بحبر التوقيع وبالامر الواقع ، ليمضي في توجيه سهامه الى الشريك الوطني، واهما نفسه بامكان تحويل رئاسة الحكومة الى حقل تجارب سعيا لاختيار رئيس حكومة مِطواع يقبل بتجاوز الدستور وب”البصم” على ما يعد له من مشاريع حكومية تضع الحكومة ورئيسها تحت رحمة “سيفِ ارعنٍ” يتلطى خلف الحيطان وداخل الغرف المقفلة.

ولان البعض اعتقد ان” الاعتذار” بات امرا مسلّما به، انتقل “بكل بساطة ودم بارد” الى التخطيط للمرحلة التالية ، وهي” اجبار الضحية ” على اختيار خلفها، او على الاقل طرح اسم قامة وطنية عبر بعض الاعلام، بهدف” الزكزكة والحرق” ليس الا.

لقد نسي هذا البعض او تناسى عدة حقائق لا بد من التذكير بها سريعا:

– ان هذه القامة الوطنية لم تكن في يوم من الايام “مطواعة لاحد” بل انطلقت في مسيرتها من ثوابت وطنية وقومية صافية لا مساومة عليها ،مؤمنة بالعيش الواحد بين جميع اللبنانيين على قاعدة الشراكة الكاملة في الحقوق والواجبات.

-تتبع هذه القامة الوطنية الوسطية خيارا ثبت في الاوقات الصعبة انه حمى لبنان ونأى به بكل حكمة عن النيران المندلعة حوله، بعيدا عن خيارات الشرق والغرب،فتحول هذا النهج الى خارطة طريق اتّبعها اللاحقون ولا يزالون.

-ان هذه القامة الوطنية كانت اول من رفع الصوت، وباكرا في زمن التسويات، ضد اي تجاوز للدستور ولدور رئاسة الحكومة، وقالت”كفى”مدّوية في وجه الاقربين قبل الابعدين، وثبت، بالوقائع والمعطيات، انها كانت على حق ، والاكثر رؤيوية واستشرافا لما حصل.

-لم تتردد هذه القامة الوطنية في تحمّل المسؤولية الوطنية مرتين،عندما دعت الحاجة، في الاولى نقلت لبنان من ضفة الانقسام بعد الاغتيال، الى ضفة بلسمة الجروح والسعي لاعادة اللحمة الوطنية.

اما في الثانية ، فحمت لبنان في ادق مرحلة من تاريخه، وتحملت” النيران الصديقة والعدوة” بكِبَر وشهامة متعالية على الجروح التي اصابتها.

-هذه القامة الوطنية شجاعة ومقدامة ولكنها حتما ليست انتحارية ولا تقبل بالقيام بدور”البديل عن ضائع” او بدور “المبسوط بالمطرح بس ناطر الفرج”، واستطرادا فهذه القامة لن” تسيّل حبر توقيعها” على اي عمل يخالف القناعات والادبيات.

ولمن نسي او خانته الذاكرة فان هذه القامة الوطنية كانت حذرت في ١٩ تشرين الاول ٢٠١٦ مما هو حاصل اليوم فقالت” أنا أدقّ ناقوس الخطر، وهذه خطوة انتحارية، ونحن لا نريد ان نخسر البلد، وكلّ من يريد أن ينتحر فلينتحر لوحده، لا أن يأخذ البلد معه الى الانتحار. أنا أخشى أن يقودنا هذا النهج الى السقوط في الهاوية… فهل نذبح أنفسَنا؟”

المصدر: لبنان 24


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal