أزمة الفراغ الرئاسي مستمرة: الخوف من إطالتها!… عبدالكافي الصمد

مرحلة من الجمود دخلتها البلاد بالتزامن مع عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، ستستمر بلا ريب حتى مطلع العام المقبل، من غير أن يلوح في الأفق موعد كسر حلقة الجمود هذه، التي رجّح كثيرون بأن تستمر طيلة الشهرين المقبلين على أقل تقدير، إلى حين أن يحدد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي موعد الجلسة الـ11 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

لكنّ اللقاء الذي جمع رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل برئيس اللقاء الديمقراطي النائب السّابق وليد جنبلاط، يوم الجمعة الماضي، كسر هذا الجمود ظاهرياً، وأعطى إشارة إلى أنّ الإتصالات لن تتوقف، وبأنّ المشاورات السياسية ستستمر بلا انقطاع، إنْ لم يكن من أجل التوصّل إلى حلول ومخارج للأزمات المتراكمة، فأقلّه لملء الفراغ وتقطيع الوقت في هذه المرحلة، بانتظار التفاهم على تسوية لم تنضج بعد.

فبعدما وصلت المساعي الداخلية لملء الفراغ الرئاسي إلى حائط مسدود، وبقاء قصر بعبدا شاغراً منذ خروج الرئيس السابق ميشال عون منه في 31 تشرين الأوّل الماضي بعد انتهاء ولايته، لا شيء يوحي بعد نحو شهرين على خلو سدّة الرئاسة الأولى بأنّ الأيّام المقبلة سوف تشهد إنتخاب رئيس جديد ينهي الفراغ القائم، ويضع حدّاً للشلل الذي تعاني منه إدارت الدولة على مختلف الصعد، والذي أوصلها إلى مرحلة خطيرة من التحلل وينذر بالمزيد.

مخاوف كثيرة تراود اللبنانيين من إحتمال تأخّر التسوية الرئاسية واستمرار الإنقسام السّياسي وشدّ الحبال بين القوى المتصارعة على حاله، بدءاً من تدهور إضافي في الأوضاع المعيشية والإقتصادية والإجتماعية، ومن إنهيار سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي الذي تجاوز أمس للمرّة الأولى (برغم عطلة الأعياد) عتبة 46 ألف ليرة مقابل كلّ دولار، ما يعني تآكلاً إضافياً في مداخيل اللبنانيين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود.

لكنّ الخوف الأكبر يبقى في انفلات الوضع الأمني أكثر، وأن لا يبقى مقتصراً على إشكالات فردية متنقلة، بل أن يذهب نحو انفلات منظّم بدأت بعض ملامحه في الظهور من خلال دعوة البعض إلى “أمن ذاتي” في مناطقهم، في مشهد يستعيد إرهاصات ومقدمات ما قبل الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975، واستمرت طيلة 15 عاماً، لم تنته إلا بعد دمار واسع شهدته البلاد على مختلف الصعد، وما تزال تداعياته مستمرة حتى الآن برغم إنقضاء أكثر من 30 عاماً على طيّ صفحة الحرب البغيضة.

وما يثير المخاوف أكثر هو أن تستمر فترة الفراغ الرئاسي طويلاً، ما ينذر باهتراء أكبر في البلاد على مختلف الصعد، سياسياً ومالياً ومعيشياً، بالتزامن مع إدارة سيئة للأزمات من قبل الطبقة السياسية، ما سيزيد الوضع تفاقماً في الأيّام المقبلة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal