مسلسل الإنهيار لا يتوقف: إلى أين؟… عبدالكافي الصمد

عندما يلامس سعر صرف الدولار الأميركي في السّوق السّوداء، يوم أمس، عتبة الـ46 ألف ليرة، مرتفعاً في غضون 24 ساعة فقط ألف ليرة، فهذا معناه بأنّ الإنهيار المالي والإقتصادي قد خرج عن أيّ ضوابط، وأنّ “الملق قد فلت”، وأنّ توقعات البعض وصول سعر صرفه قبل نهاية العام الجاري إلى 50 ألف ليرة ستصدق بلا ريب، هذا إنْ لم يتجاوز هذا الرقم.

كلّ ذلك يحصل بينما البلاد تذهب من إنهيار إلى آخر. 

آخر ملامح الإنهيار الحاصل كان على شكل مأساوي، بعدما دقّ أطباء ناقوس الخطر من أنّ آلاف المرضى المصابين بالفشل الكلوي مهدّدون بالموت الحتمي نتيجة قرب نفاد الأدوية، من غير أن يحرك هكذا أمر خطير مشاعر أيّ مسؤول في الدولة من رأسها إلى أخمص قدميها، وكأنّ الموضوع لا يعنيهم.

وترافق ذلك مع فلتان أمني واسع عانت منه مختلف المناطق، وإنْ بشكل متفاوت، كان لمدينة طرابلس حصّة وافرة منه، التي يكاد لا يمرّ يوم فيها من دون أن تشهد وقوع إشكالات أمنية، ووقوع حوادث سرقة واعتداء وإطلاق نار وضرب بالسكاكين، يسقط خلالها قتلى وجرحى، ما جعل الوضع الأمني فيها على كفّ عفريت، وسط نداءات ومناشدات دعت إلى الحفاظ على حدّ أدنى من الأمن في المدينة، التي إن سقط الأمن فيها فإنّ ذلك يعني سقوط آخر جدار حماية يقيها السقوط في المجهول، خصوصاً بعدما تصاعدت الدعوات إلى الأمن الذاتي التي شهدتها مختلف المناطق اللبنانية.

يُضاف إلى ذلك بأنّ معاناة المواطنين المستمرة مع التيّار الكهربائي يبدو بأنّها مستمرة أمداً طويلاً، بعدما سقطت وعود المسؤولين تباعاً بتزويدهم المناطق بـ8 ساعات كهرباء على أقلّ تقدير، إبتداءً من منتصف هذا الشّهر، فإذا بمنتصف الشّهر يمضي ووضع الكهرباء على حاله من السّوء، ومافيا أصحاب مولّدات الكهرباء الخاصّة مستمرة بإحكام قبضتها على رقاب النّاس، بلا وازع ولا ضمير ولا قانون.

وعلى خطٍ موازٍ مع أزمة الكهرباء، فإنّ أزمة المحروقات مستمرة على حالها، ذلك أنّ إرتفاع أسعارها المتلاحق رفع من تكلفة بدل النقل التي باتت ترهق كاهل أغلب اللبنانيين، وتؤثّر سلباً على أعمالهم ووظائفهم، إضافة إلى معاناة اللبنانيين القاسية مع برد الشّتاء القارس الذي دخلت البلاد به، في ظلّ إرتفاع أسعار المازوت والغاز والحطب.

لكنّ هذا المسلسل الذي لا ينتهي من الإنهيار، وفشل الطبقة السّياسية والمالية في إدارة الأزمة ومعالجتها، يعني بأنّ البلاد ذاهبة بسرعة أكثر من المتوقع نحو المجهول، من غير أن يعرف أحد إلى أين ستصل، ولا كيف ستخرج من النفق، أو متى.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal