متّى يتوقف العبث الأمني والموت المجّاني في طرابلس؟… عبد الكافي الصمد

عبد الله عيسى، أسامة البقاعي، عمر حمد ومحمد حيدر وغيرهم من الأسماء. هؤلاء ليسوا مسؤولين، ولا من أهل السّلطة والمال في طرابلس، ولا من فاعليات ووجهاء المدينة، ولا من الأسماء التي تتصدر النّدوات واللقاءات ومجالس الفرح والعزاء لالتقاط الصور التذكارية والتبختر بها على قاعدة “شوفوني”، بل هي مجرد أسماء عادية لأناس بسطاء ومواطنين كانوا يسعون وراء لقمة عيشهم، قبل أن تصطادهم “ظاهرة” الإشكالات الفردية العبثية التي تغرق فيها المدينة، فذهبت بهم إلى المستشفى أو إلى القبر.

الأوّل أُطلق النّار على رأسه بسبب خلاف تافه على أفضلية مرور وقع في الزاهرية، والثاني وهو رجل مسن كان ماراً بالصدفة قرب الحديقة العامة في منطقة التل عندما أصابته رصاصة في ظهره عن طريق الخطأ خلال إشكال وقع هناك، والثالث أصابته أيضاً رصاصة طائشة عن طريق الخطأ خلال إشكال وقع في منطقة التل بينما كان يمرّ صدفة في المكان فأردته قتيلا، أما الرّابع فقد كان يقطع أوتوستراد الملولة ـ التبّانة فصدمته سيارة كانت تعبر المكان بسرعة فقتلته.

هؤلاء الأشخاص وغيرهم تعرّضوا لإصابات وتحوّل بعضهم إلى ضحايا في إشكالات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وهي إشكالات وقعت خلال أقلّ من 10 أيّام من الآن، وتحديداً منذ بدء تطبيق خطّة أمنية في المدينة في 12 كانون الأوّل الجاري، بهدف إعادة الهدوء والإستقرار إلى طرابلس التي ضجّ أهلها بسبب وقوع إشكالات يومية قضت مضاجعهم، وأقلقت راحتهم، وبثت الرعب والخوف والقلق على أنفسهم وعلى أبنائهم وأقربائهم ومعارفهم وأصدقائهم من أن يسقطو ضحايا عبث أمني وموت مجاني، لا يُسأل فيها المرتكب ولا يحاسب على فعلته، وجعلت أيّ مواطن يسأل نفسه قبل خروجه من منزله للعمل وكسب ما أمكن من الرزق، أو لشراء حاجيات ضرورية، إذا ما كان سيعود سالماً إليه أم لا.

واللافت أنّ هذه الإشكالات لم تتراجع حدّتها ولم ينخفض عددها مع بدء تطبيق الخطّة الأمنية، برغم أنّ المدينة على أبواب موسم الأعياد، ما أصاب أسواقها بالشّلل، وباتت وكأنّها مناطق تسكنها الأشباح، فغاب الروّاد والمتسوقون الذين اعتادوا شراء ما يحتاجونه من أسواق المدينة المتنوّعة، حيث الخيارات واسعة والأسعار مناسبة للجميع، عدا عن أنّ التسوق في المدينة والتجوال فيها متعة في حد ذاته.

هذه المدينة الصّابرة واليتيمة التي يرتفع كلّ يوم صوت أنينها من الفقر والعوز تبدو وكأنّها بلا أيّ خيمة سياسية أو أمنية أو شعبية تقيها العبث الأمني والموت المجاني، يظهر فجأة وبغرابة شديدة بأنّ هذه الخيمة موجودة فقط فوق رؤوس نافذين وقبضايات شوارع وأحياء وزواريب، يعيثون فيها فساداً بلا حسيب أو رقيب.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal