″ثورة 17 تشرين″ هل تتكرّر في 1 تمّوز؟… عبد الكافي الصمد

تبدأ اليوم، الأوّل من شهر تمّوز 2022، الأسعار الجديدة لفاتورة الإتصالات والإنترنت، التي لحظت إرتفاعاً هائلاً يمثل أضعاف ما كانت عليه وفق الأسعار القديمة، وسط أزمة كبيرة جدّاً يعاني منها المواطنون جرّاء الإنهيار الإقتصادي والمالي والمعيشي الذي حوّل حياة الغالبية العظمى من اللبنانيين إلى معاناة وجحيم بكلّ معنى الكلمة.

إرتفاع الأسعار على هذا النحو برّرتها وزارة الإتصالات وشركتي الإتصالات الخليوية “ألفا” و”إم. تي. سي. تاتش” بارتفاع أسعار المحروقات أضعافاً، ومعها تكلفة التشغيل والصيانة وقطع الغيار وارتفاع أجور الموظفين والعمّال، وبأنّ الزيادة ضرورية لاستمرار القطاع في العمل وفي تقديم الخدمات المطلوبة منه للمواطنين، بعدما بات مهدّدا بتراجع في أدائه وتوقّفه جزئياً وقسرياً عن العمل، وصولاً إلى توقّفه نهائياً وانهياره بعدما بات إستمراره وفق الأسعار القديمة مستحيلاً.

قبل أقلّ من ثلاث سنوات، وتحديداً في 17 تشرين الأوّل 2019، إنطلقت “ثورة” شعبية عمّت مختلف المناطق اللبنانية، إعتراضاً على قرار وزارة الإتصالات حينها رفع فاتورة الإتصالات بضع سنتات، وقد دفعت موجة الغضب التي تحوّلت إلى أعمال شغب وفوضى الحكومة وقتها إلى التراجع عن قرارها.

لكنّ التراجع عن قرار الزيادة حينها كان ثمنه على اللبنانيين قاسياً ومؤلماً جدّاً. إذ أعقبه إنهيار تدريجي في سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، من 1500 ليرة إلى 30 ألف ليرة حالياً، وفي ارتفاع أسعار المحروقات أكثر من 30 ضعفاً عمّا كانت عليه، وكذلك في أسعار المواد الغذائية والسلع، وأجور النقليات والتاكسي، والأدوية وغيرها من السّلع والمواد الأساسية وحتى الثانوية، وكل ما متعلق بحياة اللبنانيين، إلى حدّ بات معه كلّ شيء يُسعّر بالدولار مقابل الليرة اللبنانية التي شهدت إنهياراً غير مسبوق، ومعه تراجعت حياة ومعيشة اللبنانيين إلى ما دون الصفر.

خلال هذه الفترة شهدت البلاد تطوّرات دراماتيكية، إذ سقطت حكومات، وانهارت مؤسّسات وشركات، وجرى صرف آلاف العمّال من وظائفهم، وجرى “تهريب” أموال كبار المودعين وأهل السّلطة إلى الخارج، وعانى اللبنانيون الأمرّين على مختلف الصّعد، إلى حدّ دفع البعض إلى السّخرية من “ثورة” 17 تشرين التي اعترض من قاموا بها على زيادة بضع سنتات على فاتورة الإتصالات، لتكون نتيجة “الثورة” إنهياراً وارتفاعاً هائلاً في أسعار كلّ شيء، وصولاً إلى ارتفاع فاتورة الإتصالات أضعافاً لن يستطيع غالبية اللبنانيين تحمّلها.

ما جرى طرح أسئلة حول إنْ كان مشهد الإعتراض على رفع فاتورة الإتصالات والإنترنت سيعود إلى الواجهة من جديد، وسيشهد اللبنانيون إحتجاجات مجدّداً شبيهة بالتي حصلت قبل نحو 3 سنوات، خصوصاً أنّ ارتفاع الفاتورة هذه المرّة كبير جدّاً مقارنة بارتفاعها قبل 3 سنوات، والمبرّر لذلك موجود أكثر من السّابق، فهل سيعود الشّارع إلى الإشتعال مجدّداً، أم أن ما جرى من “ثورة” ذلك الحين كان تغطية عمّا جرى من إنهيار وفساد وتفقير وتجويع، وأنّ “الثورة” كانت مدروسة ومسيطراً عليها من أهل السّلطة والمال، وأنّ مشهد “الثورة” لن يتكرّر مجدّداً لأنّه لم يعد له داع؟..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal