دعوات ″الإنتفاضة″ اليوم.. تكرار لفشل سابق أم تجاوز لأخطاء الماضي؟… عبد الكافي الصمد

دعوات كثيرة وُجّهت أمس على مختلف منصّات وسائل التواصل الإجتماعي حضّت فيها إلى أن يكون اليوم، الإثنين 4 تموز الجاري، “يوم غضب ضد الجوع والإذلال والفساد”، و”انتفاضة شعبية في مختلف المناطق اللبنانية في وجه الطبقة السياسية الفاسدة الحاكمة في لبنان”، وإلى أن يكون هذا اليوم “يوماً لاسترجاع الحق من السلطة الفاسدة”، ودعوة كل المتقاعدين في الجيش اللبناني والقوى الأمنية والإدارات الرسمية على اختلافها، إلى مشاركة كبيرة في “يوم الإنتفاضة الكبير”، من أجل توجيه رسالة قوية إلى أهل السّلطة الفاسدين بأّنّ “كرامتنا وحياة أبنائنا أهمّ من كراسيكم”.

عناوين كثيرة إنتشرت في السّاعات الماضية تدعو المواطنين للنزول إلى الشّوارع والسّاحات، والإعتصام أمام منازل الرؤساء والوزارء والنوّاب والمسؤولين وأمام كلّ المؤسّسات الرسمية، من أجل إجبار السّلطة على وضع حدّ لهذه الإنهيار الذي أصاب كلّ شيء، وحوّل حياة اللبنانيين إلى جحيم لا يُطاق، ومعاناة لا تنتهي، وبعدما وصل الجوع والفقر والعوز إلى كلّ بيت لبناني تقريباً، وبعدما أصبح تحقيق الحدّ الأدنى من متطلبات العيش الكريم لكل مواطن حلماً بعيد المنال، وإلا فعلى هذه السّلطة الرحيل، والإفساح في المجال أمام سلطة جديدة تنقذ البلد تخرجه من القعر العميق الذي سقط فيه، وما يزال يتخبّط داخله.

لا أحد يستطيع أن يُنكر حجم الأزمة التي يعاني منها اللبنانيون، إقتصادياً ومالياً ومعيشياً وإجتماعياً، والتي بدأت قبل نحو 3 سنوات وتكبر كلّ يوم مثل كرة الثلج التي تتدحرج من الأعلى نحو قاع سحيق، لكنّ حجم الإستياء منها ما يزال متواضعاً ودون الآمال المُعلقة على وعي الشّعب وانتفاضته من أجل تحصيل حقوقه، برغم أنّ إستفتاء عاماً أظهر أنّ الشّعب اللبناني هو من أكثر الشّعوب غضباً في العالم، لكن تبيّن أنّ هذا الغضب “إفتراضي”، يظهر فقط على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي أكثر منه في الواقع أو على الأرض، لأنّه لو كانت هذه الأزمة حصلت في أيّ بلد آخر غير لبنان، لكان أول ردّ فعل لشعبه هو انقلابه على هذه الطبقة السّياسية وإبعادها عن السلطة نهائياً، إمّا باقتيادها إلى السجن، أو إبعادها إلى البيوت أو المنافي.

قبل أقلّ من 3 سنوات تقريباً، عندما انطلقت شرارة “الحَراك الشّعبي” في 17 تشرين الأوّل من عام 2019، تأمّل كثير من اللبنانيين أن تكون “الثّورة” الخطوة الأولى نحو التغيير والإنقاذ، ووضع حدّ لانهيار لم يتوقف، بل استمر وما يزال.

لكنّ الآمال سرعان ما تبخّرت، بعدما أسفرت الإنتخابات النيابيّة التي جرت في 15 أيّار الماضي عن بقاء الطبقة السياسيّة، برغم اختلافاتها وتناقضاتها، ممسكة بالسلطة، مع أنّها تراجعت نسبياً لمصلحة “قوى الثورة والتغيير” التي استطاعت الخرق والفوز بـ13 مقعداً نيابياً، إلى جانب نوّاب جدّد يشاركونهم أغلب توجهاتهم؛ غير أنّ الصدمة وخيبة الأمل تمثلت في أنّ الوجوه الجديدة وقوى التغيير تعثرت وفشلت وهي في مقتبل عمرها السّياسي. فهل ستكرر “ثورة” تمّوز 2022 نفسها مجدّداً، وتكون نسخة فاشلة طبق الأصل عن “ثورة” تشرين الأول 2019، أم أنّ هناك من تعلّم الدرس واستفاد من الأخطاء السّابقة؟


Related Posts


   

 

Post Author: SafirAlChamal