الصيف مرحلة ″تقطيع وقت″ بانتظار خريف ساخن… عبد الكافي الصمد

لا شيء يوحي أنّ الأزمات السياسية السائدة منذ الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيّار الفائت في طريقها نحو الحلحلة، وكذلك الأزمات الإقتصادية والمالية والمعيشية، إذ إنّ جميع المؤشّرات تعطي إنطباعاً أنّ أيّ تحسّن لن يطرأ على مجمل الأوضاع العامّة في البلاد، لا بل إنّ أكبر الآمال هو أن تبقى الأمور كما هي عليه حالياً، ولا تتجه نحو مزيد من الإنهيار والتردّي.

أبرز مثال على ذلك أنّ مصير الحكومة الجديدة التي كُلّف الرئيس نجيب ميقاتي بتأليفها في 23 حزيران الماضي دخل مرحلة من التعقيد والشّروط والشّروط المضادة، ما أدّى إلى بروز أجواء متشائمة ترجّح إمكانية عدم إبصارها النّور، خصوصاً كونها الحكومة الأخيرة في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، ما يعني أنّ حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها ميقاتي نفسه يُرجّح أيضاً أن تبقى تُصرّف الأعمال حتى نهاية ولاية عون في 30 تشرين الأوّل المقبل.

خلال هذه الفترة سيسود ما اصطلح على تسميته أيّام الحرب الأهلية 1975 ـ 1990 والأزمات في لبنان مصطلح “إدارة الأزمة”، أي أنّ الأمور ستبقى تحت السيطرة طيلة هذه الفترة، مبدئياً، بلا تصعيد ولا حلحلة، بانتظار الخريف.

إدارة الأزمة سياسياً سيواكبه أيضاً إدارة الأزمة إقتصادياً ومالياً ومعيشياً، أيّ أنّ تبقى الأوضاع على حالها بلا معالجة مالية لتدهور الليرة اللبنانية وبالمقابل لا مزيد من إنهيار سعر صرفها أمام الدولار الأميركي، سواء كان الأمر بقرار سياسي ـ مالي من قبل أهل السّلطة السياسية والمالية، أو بفعل تدفّق العملة الصعبة إلى لبنان مع المغتربين الذين بدأوا بالتوافد إلى بلادهم لتمضية فصل الصيف بين أقربائهم، ما سيسهم في ضخّ “أوكسجين” مالي سيساعد بلا شكّ في حلحلة الكثير من الأزمات المعيشية والإجتماعية الفردية، إنما ستبقى المعالجة الشّاملة والعامّة غائبة.

إستمرار الوضع على ما هو عليه في الأشهر الأربع المقبلة، سيتغيّر بلا شكّ مع اقتراب الإستحقاق الرئاسي من موعده، حيث سيشهد البلد “شدّ حبال” سياسي مرتفع السقف حول من سيملأ الفراغ الرئاسي، وآلية ملء هذا الفراغ، إذا تأجّل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً لعون، واستمر الفراغ بعد ذلك فترة زمنية قد تطول أو تقصر حسب الظروف، وهو فراغ إعتاد اللبنانيون في كلّ مرة أن تملأه الفوضى والخلافات والإنقسامات، إلى جانب توتر أمني لا تأتي التسوية إلا خلفه، كما حصل بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل عام 1988، وفي أعقاب إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحّود في عام 2007، وإثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في عام 2014، وسط انطباع أنّ لا تخرج نهاية ولاية عون عن هذا المسار، وأن يكون مطلع الخريف المقبل نهاية مرحلة وحقبة سياسية، وبداية مرحلة وحقبة سياسية جديدة، مختلفة كليّاً عن الأشهر الأربعة التي تفصل اللبنانيين عن نهاية تشرين الأوّل المقبل.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal