الخامس عشر من أيار.. ورياح التغيير!… شفيق ملك

15 أيار 2022 تاريخ لمرحلة جديدة سيكون لها تداعيات كبيرة على مجمل المشهد السياسي اللبناني، وبانتظار وضوح الاصطفافات ومعرفة الأحجام يبقى القول أن الكتلة التي تنتمي إلى ثورة 17 تشرين الأول أحدثت زلزالاً حقيقياً في الواقع السياسي اللبناني له ما بعده من عند كل منعطف تصادفك مفاجئة، وكل مفاجئة يصاحبها حدث.

حقاً عند بزوغ فجر الخامس عشر من أيار، هبّت رياح التغيير، على جميع مشارب لبنان الأبيّ، في دوائره الخمسة عشر في لبنان.

من جنوبه المتمرد، نتج عنه خرقاً مؤثراً أحدث دوّياً لأول مرة، تناوله كل الإعلام، إلى شماله الثائر أعطى أملاً بغدٍ أفضل، أعاد اتجاه البوصلة الصحيح، فأصبحت المعادلة بعنوانٍ جديد أخرجها من دائرة الإملاءات الإقليمية! ومن ساحله الأزرق بشواطئه وثرواته الدفينة المرهونة بيد الغدر الغاشمة، بانتظار قطار الترسيم، وأي ترسيم مع العدو الإسرائيلي محطة قطاره باهتة المعالم…، أسبابها عديدة… سياسية، محلية، اقليمية ودولية! حتى يتم ترسيم الحدود كل الحدود…؟!

محافظاً بترسيمه هذا على كرامة الشعب اللبناني وسيادته وحقوقه الشرعية. إلى شرقه عند سفوح جباله الشامخة، بتاريخه العريق، مثبّتاً جذورها مانعاً ضرب الحصار عليها، أسقط من أسقط في عبوره وتحوّله. تهاوى من عرينه عدد كبير من الرموز السياسية القديمة، وإن كانت تعود أيامها إلى أكثر من ربع قرن. إن هذا التغيير المفاجئ بنسب متفاوتة من حيث القوة، الشكل والعدد في كلٍ من المحافظات اللبنانية.

إن ألوان هذه اللوحة البرّاقة الجديدة في لبنان أشبه بتنّين البحر الجميل ( Tornado ) في شكله الأسطواني الشامخ في علوه، يهّب مسرعاً في دوامته المتحركة على شواطئه الممتدة دون توقف حاملاً معه بذور الانتفاضة، بذور الثورة، بذور التغيير، ناثراً معه الكثير من التطلعات على كل تضاريس الوطن. بذور ما ان تلامس أرض الوطن حتى تنمو وتمتد جذورها عميقاً صانعةً لاحقاً التغيير المرجو. هذه هي مشيئة الله وإرادة الشعب.

أعود إلى الوراء يوم 17 تشرين الأول 2019، عام الثورة التي شارك كل الشعب في رسم مشهدية سياسية أرعبت المنظومة القائمة وحاصرتها ودفعت بها إلى استعمال العديد من الأساليب الرخيصة للالتفاف على هذا الفعل الإنساني الرائع، أصوات النشاز كادت تطمس ملامح اللحن اللبناني الأصيل الذي عاد اليوم لإنتاج الأمل من جديد عبر دخول العديد من الأسماء الثائرة تحت قبة بيت الشعب، هذا الإنجاز الوطني بامتياز أظهر صورة رائعة الجمال في الرقيّ والتعبير السياسي الوطني، وهذا هو المنشود قصدت التغيير الديمقراطي المستند إلى إرادة الشعب السلمية. إنّها صورة حضارية نفاخر بها والمطلوب المراكمة عليها وصولاً إلى تحقيق كل تطلعات الشعب اللبناني بالإصلاح والتغيير.

سابقاً حاول ثوار لبنان تخطي الحواجز الإسمنتية للوصول إلى البرلمان، وها هم اليوم يدخلونه من بابه الواسع عبر ثقة الشعب، والتاريخ سيسجل يوم 15 أيار بأحرف من نور كونه البداية التي تؤسس لعاصفة التغيير القادمة حيث ستنتصر الرياح لإرادة الشعب اللبناني وتطلعاته.

الرهان على قوة التغيير كبير وعليهم أن يكونوا بمستوى المسؤولية الوطنية، ندرك جميعاً أنها ليست نزهة وأن القادم يحتاج إلى فعل جماعي مؤسساتي. حاذروا دوماً وأبداً أحصنة طروادة في تآلفكم وكتلكم…

كفانا تشرذماً أحداثه ما زالت في ذاكرتنا حاضرة، يجب أن نؤسس لفعل يستند إلى رؤية سياسية اقتصادية اجتماعية واضحة، الارتجال مصيره الفشل وما شاهدناه من أخطاء قبل الخامس عشر من أيار لجهة تشظي وانقسام مجموعات الثورة كاد أن يؤدي بها كلها إلى الفشل.

حدث ما حدث وعلينا جميعاً أن نستفيد من دروس التجربة وأن نسارع إلى عملية نقد ذاتي بناءة والخروج من الحسابات الشخصية والذاتية الضيقة إلى رحاب العمل الوطني.

تذكروا ليلة الأمس القريب فئة ضالة حرقت قبضة الثورة في وسط بيروت للمرة الثالثة وهي رسائل واضحة على الشرفاء في هذا الوطن قراءتها بشكل جيد.

أناشدكم بالحكمة والعمل من خلال كتلة واحدة معروفة الأهداف، أناشدكم بوحدة الصف والله ولي التوفيق…

عاش الحراك الشعبي.. أيقونة الثورة.. عاشت رياح التغيير بكتلتها الجديدة في مجلس النواب..

عاش لبنان حراً سيداً مستقلا.

الكاتب: المهندس شفيق ملك


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal