حماس تتوعد من بعبدا.. والتشكيلة الحكومية تفاجئ سيد القصر!… شفيق ملك

الأحداث المتقلبة التي تدور رحاها في المنطقة كلها ، وتداعياتها على الوضع اللبناني المتأزم منذ فترة طويلة بغياب الحلول في المدى القريب.

التمعّن ملّياً بما يجري من مفاوضات طويلة في فيّينا وتأزم قضية الملف النووي المطروح منذ عام 2015، كأن كوكب الأرض كله مرتبط بنتائجها، لا أدري لما تطول وتطول هذه المحادثات. نعم العالم كله يسير ويراقبها عن كثب، الأقطار المحلية والدولية وأكثرها ارتباطاً هي الدول العربية الشقيقة التي تنتظر بفارغ الصبر انتهائها ونتائج ذلك على مشاكلها الداخلية. 

نعم الكل يترقب الخواتيم المتوقعة لكل فريق مفاوض وهذا يبدو أنه صعب المنال حتى تاريخه.

لذا رأى المفاوضون وجلّهم لا ينقصه الحنكة أو الدهاء أن يغيروا إحداثيات مركز التفاوض فبرز بلد عربي شقيق بعد المفاوضات هناك. بمرحلة جديدة بثوب عربي آخر، بل تكملة ما كان يطبخ سابقاً في مؤتمر فيينا.

يبدو أن الوقت قد أزّف ولم يستطع الموقع والمفاوض الجديد التوصّل إلى نتائج مرجوة… من يدري …؟ أن يظهر بوادر الدخان الأبيض عن قريب… هلا قطر .!

في خضّم هذا كله والحرب الروسية الأوكرانية تدور رحاها مستعرة في كل مكان حسب قربها أو بعدها عن محاور القتال الرئيسية منذ ستة أشهر أو يزيد .

ما زال التأثير المباشر لهذه الحرب الضروس يتزايد على لبنان ومكونات شعبه، أضف أنها أصابت اليوم بلدا شقيقا ملاصقا للبنان بحدوده البرية والبحرية فعلقّت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين أوكرانيا وسوريا .

نحن في لبنان نحتاج إلى نسمة خير أو بشرى جديدة تحمل أملاً مقبولاً لتخفيف الوضع المتأزم في الوطن لتخفّف من مآسي الشعب اللبناني عند فجر كل يوم حيث لا توقف من عودة الأزمات… بدؤها بأزمة الدولار المتفلت، أزمة المحروقات، الطاقة الكهربائية وانعكاسها المؤلم، الدواء والاستشفاء، ظهور مرحلة جديدة وهي انهيار أحد المباني القديمة وبدأت بمدينة طرابلس وعددها يتجاوز (العشرة آلاف مبنى)، أزمة الطحين والرغيف وأزمات عديدة لم تر بعد الدولة حلولاً لها. 

أخيرا عادت كورونا (Covid 19) الى التفشيّ والظهور في أعداد كبيرة دون ضوابط من الدولة حتى الآن .

في ظل كل هذا التخبط في الساحة اللبنانية برز عنصر حسّاس بنوعه، عصيّ ليس له حدود، يحمل معه رسائل متعددة موجهة إلى الخارج والداخل معاً .

في هذا المنحى أؤكد على بعض الثوابت والحقائق المسلّم بها، منذ أيام النكبة عام 1948 م، وقضية فلسطين لم تبارح مشاعر اللبنانيين جميعاً وبقيت محوراً هاماً وثابتاً عند كل المنعطفات التاريخية الأساسية في لبنان . ظلّت القضية لا تبارح فكر وقلب كل مواطن لبناني . إلى أن هدأت الرياح التغييرية في المخيمات وخارجها وأستقرّ الحال لسنين طويلة دون حدوث ما يشوبها، بالتوازي إذ أن منظمة فتح الفلسطينية في المخيمات في أحسن العلاقات مع الشعب والدولة على السواء. كذلك السفارة الفلسطينية في بيروت مركزاً مميزاً بالعلاقات الجيدة على كل الأصعدة.

في هذه الأثناء عرّج زائر من قطاع غزّه بزيارة إلى الأفرقاء السياسيين في لبنان لتوحيد المسار وإياهم بمحاولة الضغط على العدو الإسرائيلي لتسريع عملية تبادل الأسرى وبالأخص عند ظهور الجندي الأسير المجروح علانية وبإرسال رسائل إلى العدو مباشرة أن صوت غزه ينطلق مجدداً من بيروت. 

الشعارات وغيرها التي أطلقت من القصر الجمهوري من قبل رئيس المكتب السياسي لحماس مازالت حتى الآن نقطة خلاف كبير بين معظم أفرقاء الشعب اللبناني سياسياً. باستثناء فريق الممانعة في لبنان المؤيد لها والمسّوق والمنتفع الوحيد وشركائه، وكأن أصداء هذه الشعارات تعيدنا وتذكرنا بأحداث دامية قديمة مرّ عليها الزمن… زمن اتفاق القاهرة عام 1969 م، نحن بغنى عنها في الوقت الراهن إنّما هي في الواقع أشبه بورقة ضغط جديدة تظهر للعلن في مسار المفاوضات الإيرانية ليثبت من جديد أن أذرع إيران في كل مكان نشطة دائماً وغبّ الطلب. 

هذه الرسائل الموجهة إلى الخارج يوازيها رسائل إلى الداخل، أي أن ثلاثية الشعار في لبنان هو انتصار آخر تميّز به فريق الممانعة السياسي، في نفس الوقت يضفي نصراً خاصاً إلى حماس صوت واحد (غزة وبيروت) .

تزامن صدى هذه الرسائل برز مع صعود رئيس الوزراء المكلّف بفترة لم تتجاوز 24 ساعة من الاستشارات غير الملزمة في مجلس النواب حاملاً معه التشكيلة الوزارية المعدّلة بخمسة وزراء قدمت فوراً إلى رئيس الجمهورية في قصر بعبدا.

كان الاجتماع لدقائق معدودة تخلّله صمت رهيب انتهى بأن الرد والجواب عليها سيأتي لاحقاً . وكأن الصمت سيد الموقف بين الرجلين .

هنا يكمن سرّ اللعبة المجهول ومتى تظهر نتائجها. بالمبدأ العام فان 19 وزيراً من الحكومة المعنية بقي في موقعه دون تغيير، هذا يشير بأن التعديل الحكومي جزئي ومحدود. 

أهم ما جاء بالتعديل هو تغيير أسماء ثلاثة وزراء، وزير المالية حيث شكى كثيرون من سلبياته، فتمّ تغييره وأخذ من نفس الفريق السياسي، واستبدله بنائب سابق والمحصّلة النهائية واحدة .

أمّا وزيريّ الطاقة والاقتصاد، فإن الشعب اللبناني ضاقوا ذرعاً منهما منذ فترة طويلة بسبب عدم تأمين الكهرباء والرغيف فجرى التغيير الضروري لهما إرضاءً للشعب .    

الوزير الرابع كان يخص الديمقراطي فأبدل بالاشتراكي بنفس الطائفة والوزير الخامس جرى التعديل دون تأثير .

هكذا حصل كل شيء سريعاً دون توقع الجميع بدون استثناء. الآن إمّا أن تعاد الكرة كما حدث سابقاً في تأليف الوزارة السابقة وبنفس الرئيس التي استدعت زيارة رئيسها المكلّف القصر الجمهوري 14 زيارة وبفترة زمنية قاربت 46 يوماً .

يبدو التأليف بهذا الأسلوب أزعج الرئيس وفريقه السياسي . أم أن ستنقضي ببعض الزيارات المتكررة للقصر ويتبعها اعتذار لاحقاً بعدم إمكانية التأليف وتصبح الحكومة الحالية حكومة تصريف الأعمال أصولاً . وينتهي الأمر بها بتسيير أعمالها بالاتفاق مجتمعة .

ما أغضب سيد القصر سرعة التأليف وفي غضون 24 ساعة من الاستشارات غير الملزمة وهو أمر سابق في تاريخ تأليف الوزارات والذي أدهش الجميع . التعديل الجزئي الذي أطاح بفريقه السياسي ولا سيما اسم الوزير الجديد لحقيبة الطاقة (الفاقع اللون) الذي أحدث غضباً شديداً لدى الفريق السياسي للرئيس وكذلك ماهية هذه الحقيبة وأهميتها لدى الفريق .

هل انتهت اللعبة السياسية لتأليف الوزارة إلى هذا الحد أم أن هناك أشواط جديدة سنتابعها في الأيام القادمة أي قبل فترة عيد الأضحى. وتستمر المسرحية والشعب اللبناني يئن من أوجاعه كل يوم وساسة لبنان وحكّامه وكأنهم في كوكب آخر … 

جلّ ما يحتاجه الشعب اللبناني أن يستفيق الساسة والحكام ويتنازلوا عن مكاسبهم السياسية ووضع الأنانية جانباً وتؤلف الحكومة فوراً وتقوم بما عليها من إصلاحات بعد نيلها الثقة وإكمال المحادثات مع الدول العربية، الدولية وصندوق النقد الدولي على أمل أن تصل المساعدات إلى لبنان تباعاً . 

هذا مشوار طويل يحتاج إلى إخلاص في العمل وتضافر جهود الجميع للوصول إلى هذا الهدف. إن لعبة الوقت مرفوضة كلياً .

لنصلي جميعاً لتمطر السماء حلولاً أم أننا أدركنا أسوأ أيام العهد… فلننتظر ونرى… حمى الله شعب لبنان من ساسته وحكامه الفاسدين.

عاش لبنان سيداً… حراً مستقلاً .

 

الكاتب: المهندس شفيق ملك


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal