بالتأكيد ليس كل ما يأتي من الغرب يسر القلب؟ … مرسال الترس

دأب الغرب منذ أيام الاستعمار على معاملة الدول التي تحت سيطرته ومواطنيها، وعلى وجه التحديد في اسيا وافريقيا، على أنها دونه شأناً وقيمة من دون أن يأبه بما سُمي لاحقاً “حقوق الإنسان” التي أُقرّت شرعتها في باريس في العام 1948. ولكن يبدو أن هذه الشرعة التي مرّ على توقيعها أربعة وسبعون عاماً فإنها ما تزال حبراً على ورق في العديد من المفاصل الحساسة. إذ أن ما نشهده اليوم على الساحة اللبنانية ومنذ عقد من الزمن يوحي وكأننا في زمن استعمار جديد يتصرف بعنجهية ومن منطلق أن الشعوب التي يتعاطى معها ليست أكثر من عبيد في حضرة سلطان.

فمنذ إندلعت الحرب على الأرض السورية في مطلع العام 2011 تحت شعارات “الفوضى الخلاّقة” و “الربيع العربي” و “الشعب يريد اسقاط النظام” لتتوسع وتشارك اكثر من ثمانين دولة في تسعيرها، ذُهل معظم اللبنانيين كيف أن “النازحين من تلك الحرب” بدأوا يتدفقون بعشرات الآلاف يومياً إلى لبنان الوطن الصغير بمساحته، وكان يُلاحظ ان هؤلاء النازحين الذي كانوا يصلون بتشجيع من بعض الفئات اللبنانية، قد وفدوا من مناطق بعيدة عن الحدود اللبنانية (الرقة والقامشلي مثلا) في حين أنه كان بإمكانهم التوجه أن يتوجهوا إلى بلدان أخرى (كالعراق او الأردن على سبيل المسافة) أقرب إليهم من لبنان الذي يضيق بمواطنيه والوافدين إليه جراء حقبات سوداء سابقة.

تراجعت الحرب في سوريا منذ نحو ثلاث سنوات، واستعادت السلطة حضورها على معظم المحافظات. بينما يتمسك النازحون في لبنان بوجودهم على أرضه وبدعم مالي معلن ومباشر من الغرب المتمثل بالولايات المتحدة الأميركية ودول الإتحاد الأوروبي بدون توضيح الأسباب المباشرة لهذه الخطوات المشبوهة الأهداف، في حين أن الأسباب غير المباشرة كانت عرضة للتشريح والتفسير في العديد من التحليلات الصحفية والاعلامية. فيما اللبنانيون يدفعون الأثمان الباهظة في شؤونهم الحياتية والمالية والمعيشية وسط أزمة غير مسبوقة، حتى عالمياً. من دون أن يتجرأ أي من أبناء الوطن على الوقوف علناً ضد هذه السياسات التي يمكن وصفها بكل العبارات باستثناء كلمة عادلة أو منصفة! وإذا تحدثوا فبخفر كبير خوفاً من أن يزعجوا هذه الجهة او تلك!

فهل يمكن ان يتوصل اللبنانيون بكامل طوائفهم ومذاهبهم يوماً إلى الوقوف بوجه مثل هذه السياسات الغربية الجاحدة والتي تخدم أجندات مشبوهة، ويستطيعوا أن يردوا بعض “مآثر” ذاك الغرب بأفضل منها أو على الأقل بمثلها طالما نحن نرفع لواء الاستقلال والسيادة منذ تسعة وسبعين عاماً. ولدينا الكثير من المقومات لنفعل ذلك إذا توحدت الكلمة وتضافر الموقف. أم أننا تعودنا على الخنوع والإذلال، وعلى مقولة أن “كل ما يأتي من الغرب يجب أن يسرّ قلبنا”؟

 


Related Posts


 

 

Post Author: SafirAlChamal