هل يؤدّي ″الإتفاق″ الأميركي ـ الفرنسي إلى ولادة الحكومة في لبنان؟… عبد الكافي الصمد

لم يكد وزيرا خارجية الولايات المتحدة الأميركيّة وفرنسا، أنطوني بلينكن وجان إيف لودريان، يعلنان بعد اجتماعهما يوم الجمعة الماضي ″إتفاقا على العمل المشترك بين البلدين تجاه لبنان″، حتى انطلقت موجات تفاؤل تحدثت عن إمكانية حلحلة ما للأوضاع العامّة في لبنان، وعلى رأسها مسألة تأليف الحكومة، التي تعتبر الممرّ الرئيسي لأي مخرج للبلد الغارق في أزمات كثيرة ومعقّدة.

ونبع التفاؤل الحذر من أنّ المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت، التي زارها مرتين بعد أيّام من إنفجار مرفأ العاصمة في 4 آب من العام الماضي، لقيت للمرّة الأولى دعماً أميركياً واضحاً وعلنياً، بعدما كانت الإدارة الأميركية تتجاهل المبادرة الفرنسية، لا بل وكانت أحياناً تتهم بأنّها تسهم في عرقلتها، خصوصاً أيّام الرئيس الأميركي السّابق دونالد ترامب، بينما يبدو أنّ مقاربة واشنطن للمبادرة الفرنسية قد تغيرت في عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، وهو ما أشار إليه لودريان بوضوح، عندما أعرب عن “سرور فرنسا بالعودة إلى القيم المشتركة مع الولايات المتحدة، بعد 4 سنوات من التغيّر في السّياسة​ الأميركية”.

هذا الإنطباع تكوّن بعد تصريحات رئيسي الديبلوماسية الأميركي والفرنسي، إذ أشار بلينكن إلى أنه اتفق مع نظيره الفرنسي على “التنسيق بين بلديهما بشأن الخطوات التي يجب إتخاذها لدعم الشعب اللبناني لإنهاء الأزمة”، بينما أكد لو دريان أنّه يجب ممارسة الضغوط على السّياسيين اللبنانيين لإنهاء المأساة التي تعيشها بلادهم”، مشيراً إلى “أننا قررنا إدارة الأزمة في لبنان بتنسيق مع الولايات المتحدة وممارسة المزيد من الضغط، ونعرف من هم الذين يتسبّبون بالأزمة”.

الإستنتاج السريع من كلام بلينكن ولودريان يتلخّص في 3 نقاط: الأولى التنسيق بين بلديهما حيال لبنان؛ والثانية ممارسة الضغوط على السّياسيين اللبنانيين لإنهاء الأزمة، ما يعني أنّ وقت الجدّ قد بدأ؛ والثالثة التلميح أن المسؤولين المتسبّبين بالأزمة معروفين من قبلهما، وبالتالي فإن عقوبات ستكون بانتظارهم، ولعلّ النقطة الثالثة هي التي دفعت المسؤولين اللبنانيين، بعد استشعارهم بالقلق وخطورة التفاهم الأميركي ـ الفرنسي، إلى فتح كوة في جدار أزمة الحكومة المعلقة منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفها في 22 تشرين الأول من العام الماضي.

ومع أنّ ترجمة هذا التفاؤل الشديد الحذر بإمكانية ولادة الحكومة هذا الأسبوع، كما روّج البعض، يحتاج إلى خطوات عملية وجدّية للتأكد منه بعد سلسلة طويلة من خيبات الأمل، فقد أشارت مصادر سياسية إلى أن الحريري سيعود قريباً إلى بيروت، بعد زيارة قام بها إلى الخارج، بعد أن عملت جهات إقليمية ودولية على ممارسة ضغوط مباشرة على بعض الأفرقاء اللبنانيين لإيجاد مخرج سريع، وحلّ يرضي جميع الأفرقاء لجهة تشكيل الحكومة.

هذا المخرج الذي يلوح في الأفق أكدت مصادر أنّ الحكومة ستشكل من 24 وزيراً، ولكن ليس على قاعدة 8 + 8 + 8، بل على قاعدة 6 + 6 + 6 + 6، موزّعة كالتالي: 6 وزراء لرئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، 6 وزراء للرئيس الحريري وحلفاؤه، 6 وزراء للثنائي الشيعي  (أمل وحزب الله) وحلفاؤه، على أن يشارك في تسمية الوزراء الستّة الأخرين أميركا وفرنسا، ويكون هؤلاء الوزراء من وجوه المجتمع المدني.

هل تصدق هذه التوقّعات أم أنّ التفاصيل التي تكمن فيها الشياطين ستجعل مصير هذه الطروحات ـ المخارج تشبه ما سبقها، وتدفن قبل أن تبصر النّور؟

أيّام قليلة ويتضّح كلّ شيء.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal