حفلت الأيّام القليلة الماضية بمواقف وتصريحات وتسريبات تحدثت عن أنّ قوى المعارضة قد توافقت في ما بينها على تبنّي ترشيح وزير المالية السّابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، وأنّ هذا التوافق بين مكوناتها بات شبه منجز تقريباً.
وانطلقت قوى المعارضة من تبنّي خيار أزعور الرئاسي من كونه يملك حظوظاً لا بأس لها للفوز، وأنّه يمكنه تأمين مروحة واسعة من النوّاب والكتل حوله يمكن أن تساعده في الفوز، فضلاً عن أنّ تجربته في وزارة المالية وخبرته الإقتصادية وعلاقته المباشرة مع صندوق النقد الدولي، تعتبر أساساً ومطلباً لشخصية الرئيس المقبل الذي سيترتب عليه مسؤولية معالجة الأزمات المالية والإقتصادية الخانقة التي يتخبط بها لبنان منذ أكثر من 3 سنوات ونصف.
لكنّ هذا التبنّي الذي ما يزال حتى الآن غير نهائي بعد، يطرح حوله سلسلة أسئلة، من أبرزها الأسئلة التالية:
أولاً: هل أنّ أزعور يُشكّل خياراً بديلاً أفضل من رئيس حركة الإستقلال النائب ميشال معوض، الذي كان مرشح المعارضة طيلة جلسات الإنتخابات الـ11 التي عقدها مجلس النوّاب حتى الآن. وهل يمكن أن يتجاوز أزعور عدد الأصوات الأعلى التي نالها قبله معوض، وهي 43 صوتاً، إذا كان الجواب بالنفي فإنّ ذلك يعني وقوع قوى المعارضة في المزيد من الإنقسام والإرتباك.
ثانياً: تعوّل قوى المعارضة على توافق ممكن مع التيّار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل حول إسم أزعور، وهو توافق ما يزال قيد البحث وينتظر موقفاً نهائياً وحاسماً من قبل باسيل وتيّاره، في ظل إنعدام الثقة بين مكونات المعارضة والتيّار البرتقالي، وتحديداً القوّات اللبنانيّة والتيّار الوطني الحرّ.
ثالثاً: تنطلق قوى المعارضة من رفضها الموافقة على ترشيح وانتخاب رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية من أنّه لا يملك حيثية مسيحية واسعة، كما حال الثنائي المسيحي القوّات والتيّار، إلّا أن منطق الرفض هذا يسقط عندما يواجه بسؤال هو: ما هي حيثية أزعور السياسية حتى يتقدم برأيهم على فرنجية، وهل الإعتراض على الزعيم الزغرتاوي يجعل أيّ مرشح آخر مقبولاً من المعارضة على قاعدة النكاية، وتطبيقاً للمثل الشهير “عنزة ولو طارت”.
رابعاً: تدرك قوى المعارضة قبل سواها أنّه لا يمكنها تجاوز عدد الأصوات التي نالها معوض من قبل، وأنّ كتلاً نيابية وازنة تمثل بيضة القبان، مثل كتلة اللقاء الديمقراطي، ليست مستعدة للسير في هذا الخيار، فضلاً عن عدد لا يستهان به من النواب الجدد، ما يجعل رهان المعارضة على أزعور خاسرا سلفاً.
خامساً: تعرف قوى المعارضة قبل غيرها أمرين مهمّين: الأوّل أنّها لا تملك أكثرية تمكّنها من تأمين النصاب أو الفوز لأزعور؛ والثاني أنّ إنتخاب الرئيس العتيد لن يكون ممكناً إلّا بالتوافق، وهو أمر يبدو متعذراً نظراً لتمسك الثنائي الشيعي وحلفائه بترشيح فرنجية، وهو الأمر الذي أكّده أمس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عندما قال إنّ “المرشح الذي يتداول باسمه هو مرشح مناورة، مهمته مواجهة ترشيح من دعمناه وإسقاطه”، ما دفعه إلى دعوة المعارضة لـ”التوقف عن هدر الوقت وإطالة زمن الإستحقاق”.
Related Posts