عاد الإستحقاق الرئاسي، أمس، إلى المربع الأول، بعد تبنّي قوى المعارضة الوزير السّابق جهاد أزعور مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية، وإعلان المرشّح السّابق النائب ميشال معوض إنسحابه لصالحه، لكنّ هذا التبدّل لم يُغيّر شيئاً في المشهد السياسي العام، بعد أن كشفت المواقف التي سبقت وأعقبت إعلان المعارضة دعم أزعور أنّ إصطفافات الكتل النيابية والقوى السياسية لم يطرأ عليها أيّ تبديل جذري يشي بأنّ إستحقاق إنتخابات رئاسة الجهورية قد وصل إلى خاتمته السعيدة، وإنهاء الفراغ المستمر في قصر بعبدا منذ أكثر من 7 أشهر.
وأبرز ما سُجّل في السّاعات الـ24 الماضية، في هذا السّياق، يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:
أولاً: حرصت المعارضة على التأكيد أنّ دعمها أزعور جاء على خلفية “تقاطع” حول إسمه، وليس نتيجة “توافق” بين مكوناتها عليه، وبالتالي فإنّ هذا التقاطع لا يمكن البناء عليه في هكذا إستحقاق مفصلي ومصيري.
ثانياً: سريعاً جاء الرد من الفريق السّياسي المقابل الداعم ترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، وأجهض مسعى المعارضة وأصابها بالإحباط، عندما أعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أنّ “المرشح المستجد هو للمواجهة والتحدّي، ولن يصل”، مضيفاً أن “كلّ التوصيفات التي أُعطيت لمرشحهم المستجد لا تنطلي على أحد، وهي توصيفات مصدرها الفريق نفسه، ولا تعني لنا شيئاً”.
ثالثاً: بعد إعلان النائب مارك ضو أنّ قوى المعارضة التي ينتمي إليها واثقة من إمتلاكها 65 صوتاً، أيّ النّصف زائداً واحداً، بما يُمكّن أزعور من الفوز بمنصب الرئاسة الأولى في دورة الإنتخابات الثانية، كان الحزب التقدمي الإشتراكي يؤكّد أنّه يرفض إنتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، ويجب أن نتناقش مع الفريق الآخر لسؤاله: “بما يستفز جهاد أزعور المقاومة؟”.
رابعاً: برغم إعلان رئيس التيّار الوطني الحرّ، أوّل من أمس وعشية إعلان المعارضة دعمها أزعور، تقاطعه مع المعارضة في هذا التوجّه، فإنّه ضمّن كلامه إجهاض مسبق لخطّة المعارضة، عندما أكّد أنّ هذا التقاطع “غير كافٍ لانتخاب الرئيس، لأنّ المطلوب هو التوافق مع الفريق الآخر من دون تحديّه”.
خامساً: إذا كان معوض قد وجد في تبنّي المعارضة ترشيح أزعور سلماً للنزول عليه من شجرة الإستحقاق الرئاسي، بعدما وجد فرصه بالفوز معدومة، فإنّ مستقبل ترشيح أزعور لن يكون أفضل من ترشيح معوض، وسيلقى المصير نفسه بانتظار أن يجد سلماً ينزل عليه بدوره، ما حوّل الإستحقاق الرئاسي إلى “محرقة” أسماء للمرشحين، واحداً تلو الآخر.
سادساً: ينبىء ما حصل في السّاعات الماضية، في ظلّ غياب التسوية والتوافق بين مكونات المجلس النيابي، وعدم وصول “كلمة السّر” من الخارج، أنّ إنهاء الفراغ الرئاسي ليس قريباً، لا بل أعطت التطوّرات الأخيرة إنطباعاً أنّ اللبنانيين سينتظرون طويلاً قبل أن يخرجوا من الدوامة التي يغرقون فيها منذ سنوات، ولا يجدون سبيلاً للنجاة منها.
Related Posts