يُثقل الملف الرئاسي على القوات اللبنانية التي لطالما وعدت نفسها قبيل الانتخابات النيابية بأن تتمكن من الحصول على أكثرية نيابية يحقق لها الحلم التاريخي بوصول رئيسها الدكتور سمير جعجع الى قصر بعبدا.
حصلت الانتخابات وجرت رياح النتائج بعكس إشهتت سفن القوات التي نجحت في الحصول على أكبر كتلة نيابية مسيحية، لكن فرحتها لم تكتمل بالأكثرية التي كانت تمني النفس بها، خصوصا بعدما فشلت في إستمالة النواب التغييريين الـ13 الذين تعاطوا مع القوات على أنها جزءاً من المنظومة، وغيرهم من المستقلين، ما جعل مرشحها النائب ميشال معوض يتأرجح ما بين 34 و43 صوتا على مدار 11 جلسة لم تفض الى إنتخاب رئيس للجمهورية.
اللافت أن القوات اللبنانية إرتكبت خمسة “فاولات” سياسية تحتاج كل منها الى بطاقة حمراء، وهي إن دلت فإنما تدل على حالة التخبط التي تسيطر عليها، بفعل شعورها المتنامي بعدم قدرتها على التحكم بمسار الاستحقاق الرئاسي.
وتتلخص هذه “الفاولات” بما يلي:
أولا: على مدار 11 جلسة إنتخابية ركزت القوات اللبنانية هجومها على الفريق الآخر، آخذة عليه عدم وجود مرشح لديه وأنه يعتمد التصويت للورقة البيضاء، وأنه يسارع في كل جلسة الى تطيير نصاب الدورة الثانية، متهمة إياه بعدم الجدية وبتعطيل عملية إنتخاب رئيس الجمهورية، قبل أن يفاجأ اللبنانيون بأن ما كانت تنتقده القوات في خصمها سارعت الى إعتماده، فمع إعلان الثنائي الشيعي وحلفائه دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية سارعت القوات الى رفع سلاح التعطيل مؤكدة أنها لن تكمل نصاب أي جلسة يمكن أن تأتي بفرنجية رئيسا، متناسية أن لديها مرشحا هو النائب ميشال معوض وأنها كانت تشدد على ضرورة أن تُعقد الجلسات بشكل متواصل و”ليطرح كل فريق مرشحه وليصل من يحصل على النصف زائدا واحدا أو أكثر”.
ثانيا: ذهاب نائب القوات اللبنانية رازي الحاج الى السويد بهدف إستدراج الاتحاد الأوروبي الى فرض عقوبات على من يعطل إتمام الاستحقاق الرئاسي وإنتخاب رئيس للجمهورية، لكن ما بين حزم حقائب الحاج ووصوله الى العاصمة السويدية ستوكهولهم كانت القوات قد بدلت من موقفها ودخلت الى فريق المعطلين، فهل سيحمل الحاج العقوبات بحق القوات معه الى لبنان؟.
ثالثا: تراجع رئيس القوات الدكتور سمير جعجع عن موقف كان من أكثر المواقف وضوحا، حيث أكد مرارا وتكرارا بأنه في حال نجح الفريق الآخر في جمع 65 صوتا لمرشحه فإن القوات قد تعطل نصاب الجلسة مرة أو مرتين لكن في النهاية ستكون مجبرة على إحترام العملية الديمقراطية وتأمين النصاب، لكن هذا الكلام ما لبثت أن محته تطورات الملف الرئاسي، وقلبته رأسا على عقب، وتحول الى إعلان صريح بتعطيل نصاب جلسات إنتخاب الرئيس.
رابعا: إساءة القوات اللبنانية الى النائب ميشال معوض عن قصد أو عن غير قصد، بعدما تبين أن ترشيحها له لم يكن جديا، بل كان عبارة عن إختبار تحدث عنه صراحة نائبها في الكورة فادي كرم من دون أن يتبعه أية توضيحات، فضلا عن أن القوات لم تقم وزنا لهذا الترشيح، عندما نفضت يدها منه وأكدت أنها ستسارع الى تعطيل نصاب الجلسات، بدل أن تسعى جاهدة الى نسج التحالفات وحشد الأصوات التي تؤمن لمرشحها منافسة متكافئة، الأمر الذي أظهر عدم جديتها وأدى الى زعزعة الثقة بها.
خامسا: محاولة القوات إستهداف سليمان فرنجية بإعتباره إمتدادا لعهد ميشال عون، علما أن فرنجية لم ينتخب عون لرئاسة الجمهورية في العام 2016، بل من إنتخبه هي القوات اللبنانية بعد تفاهم معراب الذي عقدته مع التيار الوطني الحر، وشاركت بعده في السلطة وتقاسمت النفوذ مع التيار الى أن إختلفت معه وإفترقت عنه، واليوم تأتي القوات لتحاسب فرنجية على فعل لم يرتكبه بل إرتكبته هي بانتخاب عون.
Related Posts