في الوقت الذي يتسابق فيه اللبنانيون مع رغيف الخبز وينامون بأعين مفتوحة خوفا من تجدد الهزات الارتدادية القوية، ويواجهون زلزال إنهيار الليرة أمام الدولار الذي لامس سعر صرفه حدود الـ 70 ألفا، إضافة الى فقدان الدواء وحليب الأطفال، وغلاء المحروقات، وجنون الأسعار الذي يهدد فعليا بالجوع، يدخل حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في سباق على إستمالة الشارع المسيحي بمزايدات وشعبويات تعطل إنتخابات رئاسة الجمهورية وتشل المؤسسات الدستورية.
يرفع التيار الوطني الحر السقف السياسي في رفض إنعقاد جلسات حكومة تصريف الأعمال المخصصة لتلبية حاجات الناس الضرورية، ويحرّض سياسيا ويشحن طائفيا، فيسارع حزب القوات الى تبديل موقفه واللحاق به، حيث بدا التناقض واضحا في تصريحات سمير جعجع الذي سبق وأكد أن “إجتماعات الحكومة قانونية ومن أجل خدمة المواطنين“، مشددا على أن “آخر ما يمكن أن نفكر فيه هو أن يستهدف الرئيس نجيب ميقاتي المسيحيين”، ثم ينقلب جعجع على هذا الموقف ويعلن أن إجتماع الحكومة غير قانوني وأنه يجب إحترام الدستور خوفا من معارضة باسيل، ليتوافق الخصمان على تعطيل الحكومة ويزايد كل منهما في هذا الموضوع بتصريحات لا تؤمن دواء سرطان ولا تفتح أبواب مستشفى أمام مريض غسيل كلى ولا تنقذ عاما دراسيا.
في الجلسة التشريعية، تشير المعلومات الى أن النائب جبران باسيل كان أبلغ من يعنيهم الأمر أنه سيشارك فيها إنطلاقا من مبدأ تشريع الضرورة، وأنه طلب أن لا يكون جدول أعمال الجلسة فضفاضا، وقد أبدى الرئيس بري نوعا من التجاوب مع ذلك ودعا هيئة المكتب الى الاجتماع أمس لدراسة جدول الأعمال وتحديد موعد الجلسة، لكن المعارضة المسيحية التي قادها رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل وإستمالة عدد لا يستهان به من النواب لمقاطعة الجلسة، وما قاله البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظتة الأحد من رفض للجلسة التشريعية لعدم دستوريتها في ظل غياب رئيس للجمهورية، أربك باسيل ودفعه الى التراجع عن موقفه وإعلان مقاطعته الجلسة،خوفا من أن يسجل جعجع نقطة عليه في الشارع المسيحي، فكان أن تعطلت الجلسة وتعطلت معها مصالح الناس.
وفي الوقت الذي يشن فيه جعجع هجوما شبه يومي على حزب الله سعيا وراء شعبية إضافية، يستفيد باسيل من مشاركة الحزب في جلسات الحكومة ليوجه إنتقاداته له ويوحي أن تفاهم مار مخايل يترنح ليتمكن من اللحاق بجعجع في هذا الملف.
بات واضحا أن جعجع وباسيل يسعى كل منهما وبطريقته الى إظهار نفسه بأنه الأقوى في الشارع المسيحي تمهيدا لأمر واحد لا ثاني له هو الترشح لرئاسة الجمهورية، وإذا كان الأول ما يزال يقف خلف واجهة ميشال معوض إلا أن الشرط الذي وضعته القوات على البطريرك الراعي للمشاركة في الحوار المسيحي لجهة التوافق على رئيس وإلتزام المشاركين بالتصويت له كان يهدف الى تحيّن الفرصة المناسبة لطرح ترشيح جعجع، فيما الثاني لا يزال يرفع السقف تجاه حزب الله، ويعمل على تعطيل كل حركة الدولة عله يستطيع إنتزاع إعترافا بأحقية ترشحه.
وبين جعجع وباسيل، يظهر البطريرك الراعي في موقف لا يُحسد عليه، كونه يسعى الى إرضاء الطرفين، الأمر الذي يوقعه في تناقض واضح بدأ يثير تساؤلات حول موقف بكركي من المزايدات المسيحية التي تعطل إنتخابات رئاسة الجمهورية، ولماذا لا تتخذ موقفا حازما منها؟!..
Related Posts