زيارة سعد الحريري.. تمهيد للعودة السياسية أم تكريس للعزوف؟!… غسان ريفي

لا يستطيع أحد أن ينكر شعبية الرئيس سعد الحريري وحضوره الوازن في الساحة السياسية، وما الحيوية التي شكلتها عودته للمشاركة في الذكرى الثامنة عشرة لاغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلا دليل على أن الرجل ما يزال يسكن في وجدان جمهوره من انصار تيار المستقبل البعيد منذ أكثر من سنة عن العمل السياسي.
لا شك في أن تواجد الحريري في لبنان وإن كان بزيارة عاطفية وعائلية قد حرك المياه الراكدة في “البركة الزرقاء”، فتوافدت الحشود الى ضريح الرئيس الشهيد لالقاء التحية على زعيم المستقبل وهو يتلو سورة الفاتحة عن روح والده برفقة عمته بهية وعمه شفيق، ثم انتقلت هذه الحشود الى بيت الوسط لملاقاته، في وقت عقد فيه الحريري سلسلة إجتماعات سياسية مع الكوادر والنواب السابقين لتياره، ومع صديقه وليد جنبلاط ووفد من نواب القوات اللبنانية وعدد من النواب والشخصيات والوفود الشعبية.
بدا واضحا أن الحريري حاول الابتعاد قدر الامكان عن السياسة التزاما بقرار التعليق، فجاء كلامه مقتضبا وعاما وأقرب الى المجاملات منه الى اتخاذ المواقف أو إعطاء رأي في الوضع السياسي الراهن وخصوصا الاستحقاق الرئاسي، حيث أشار الى أن “الناس التي احتشدت اليوم هي ضمانة لبنان كونها تؤمن بالاعتدال”، داعيا الله أن “يرحم رفيق الحريري وأن يعين لبنان”.
ومن خلال هذا الكلام المقتضب خرج المراقبون بانطباعين، الاول، أن الحريري يتجه الى الابتعاد نهائيا عن السياسة والتفرغ لعمله في الامارات العربية المتحدة، عندما قال في دردشة مع الصحافيين بأنه “يريد أن يترك الساحة السياسية للاجيال الجديدة، وانه استمع للثورة وكان يفترض بالجميع ان يستمعوا اليها وان يعطوا الفرصة للدم الجديد”.
والثاني، أن الحريري ما يزال يلتزم بقرار تعليق العمل السياسي، من دون أن يتخلى عنه، وان عودته مرهونة بالتطورات والظروف وابتعاده سيستمر أقله الى أن يحين موعد الانتخابات النيابية المقبلة في العام 2026، وذلك من خلال كلامه لأنصاره بأن “بيت الوسط سيبقى مفتوحا وانه باق الى جانبهم”.
علما وبحسب المعلومات، أن الحريري أكد للكوادر والنواب السابقين لتيار المستقبل خلال لقائه بهم أنه “كان على حق في قراره بتعليق العمل السياسي، وان المرحلة صعبة جدا وقد تحرق العديد من التيارات والقيادات والنواب، خصوصا ان الانهيار مستمر بالرغم من وصولنا الى القعر الذي ما زلنا نحفر فيه لنغرق اكثر”، كما شدد الحريري على أن “ظروفه الخاصة ما تزال تمنعه من ممارسة أي عمل سياسي، وانه اليوم مرتاح جدا لقراره الذي كان صائبا وفي محله”.
وما بين الانطباعين الاول والثاني، تشير المعطيات الى أن الأيام القليلة للحريري في لبنان ولقاءاته وزياراته، ستعطي دفعا لتيار المستقبل الذي سيجد نفسه لاحقا يعمل على “القطعة” وتحت المجهر الاعلامي مع كل زيارة أو تصريح أو تلميح أو أي تحرك يقوم به الحريري الذي يجدد متابعون التأكيد على ان قراره بتعليق العمل السياسي هو أمر خارج عن ارادته!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal