شوارع لبنان تتحول الى صناديق بريد!… غسان ريفي

تتداخل الازمات السياسية مع الازمات الاجتماعية بشكل واضح وفاضح، حيث لا يتوانى البعض عن استخدام معاناة ومآسي الناس لتحريك الشارع بهدف توجيه رسائل او تشكيل عامل ضغط في ملفات معينة أو تصفية حسابات، أو تسجيل نقاط، لكن في نهاية المطاف فإن المواطن هو من يدفع الثمن حيث يستدرج الى اعمال شغب او إخلال بالامن من دون نتيجة إلا من إمكانية مساءلته قضائيا عما اقترفت يداه في ساعة غضب.
منذ مدة ولبنان يعيش فوق صفيح ساخن بفعل الاوضاع المعيشية المزرية وانفلات سعر صرف الدولار الذي لم يعد له سقف وانعكاس ذلك على تفاصيل حياة اللبنانيين، وفي موازاة ذلك ثمة جهود محلية وخارجية لا تهدأ من اجل تأجيج مشاعر الناس ودفعهم للنزول الى الشارع بهدف تعميم الفوضى والفلتان وصولا الى ما لا يحمد عقباه.
وقد برز ذلك في أكثر من مناسبة وأكثر من منطقة منذ توقيف الناشط وليام نون، الى اعتصام النواب في البرلمان احتجاجا على عدم انتخاب رئيس للجمهورية حيث بدا عدد من نواب التغيير يستجدون المواطنين للنزول الى ساحة النجمة ويدعون الى قطع الطرقات، الى الازمة القضائية بين القاضيين غسان عويدات وطارق البيطار، الى الازمة المعيشية وجنون الدولار.
واللافت ان عدوى التحركات تنتقل بين المناطق في وقت واحد، وكأن هناك “مايسترو” يقودها ويحدد مهام كل منطقة، إطلاق نار في طرابلس من قبل ملثمين يجبرون التجار على اقفال محلاتهم، قطع طرقات في عكار وحرق دواليب ومنع الناس بالقوة من الوصول الى مصالحهم، حرق مصارف في بيروت وصولا الى منزل رئيس جمعية المصارف وقطع لبعض الطرقات الحيوية.
لا شك في أن شوارع لبنان تتجه لأن تتحول الى صناديق بريد ترسل عبرها الرسائل التي تستخدم بأوجه متعددة، من الضغط لانتخاب رئيس للجمهورية الى الصراع الدائر بين الطامحين لترؤس الحكومة المقبلة الى محاولة استهداف الجيش والقوى الامنية، الى العمل على اعادة إحياء الثورة ارضاء لبعض الجهات، لكن ما يثير الاستغراب انه بالرغم من كل الظروف المأساوية فإن اللبنانيين لا يتجاوبون مع محاولات دفعهم الى الشارع.
ربما بات اللبنانيون على قناعة بأن لا جدوى من التحرك الذي غالبا ما يكون مسيّسا، فضلا عن عدم وجود سلطة للتحرك ضدها، فحكومة تصريف الاعمال مقيدة بالبنود الضرورية والشروط والميثاقية والنكد السياسي وهي مطلوب منها اكثر المعالجات باقل الامكانات والصلاحيات، ورغم ذلك يعمل رئيسها على كل المحاور لطرح بعض الحلول التي لا يتوانى بعض المتربصين بالحكومة الى تعطيلها.
تقول مصادر مواكبة، إن أكثر ما يؤذي اللبنانيين اليوم هو تسييس التحركات المطلبية واقتصارها على جهة او فريق سياسي واحد، لأن ذلك من شأنه ان يفسد أي تحرك مهما كان محقا ويُبعد المواطنين عن المشاركة فيه، خصوصا ان هؤلاء لم ينسوا ثورة 17 تشرين ما رافقها من اخفاقات وما انتجته من نواب تغيير يختلفون على كل شيء ولا يجمع بينهم قواسم مشتركة حقيقية ما يمنعهم من التوافق على رئيس للجمهورية قد يشكل أولى بوادر الحل.،


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal