بكركي مربكة بالانقسامات.. ما هو مصير الحوار المسيحي؟… غسان ريفي

يبدو أن البطريرك الماروني بشارة الراعي إقتنع بعدم جدوى تنفيذ المهمة التي كلفه بها رؤساء الطوائف المسيحية، والمتمثلة بدعوة النواب المسيحيين الى اجتماع عام في بكركي للحوار وحثهم على إنتخاب رئيس للجمهورية، وصولا الى غض النظر عنه مرحليا أو إلغائه نهائيا، وذلك بفعل الانقسامات العامودية والشروط وطموحات كل فريق بإيصال مرشحه الى قصر بعبدا.

ربما أدرك البطريرك الراعي أن أي إجتماع للنواب المسيحيين في الوقت الراهن سيكون مصيره الفشل، خصوصا أن ليس هناك أية قواسم مشتركة بينهم حول مرشح توافقي، كما لا توجد أي نية لدى أي فريق مسيحي للتنازل عن موقفه تجاه هذا الاستحقاق، وبالتالي فإن الاجتماع العام ستكون سلبياته أكثر بكثير من إيجابياته سواء لجهة تعميق الخلاف بين التكتلات النيابية المسيحية ما سيؤدي الى تعقيد الأزمة، أو لجهة فقدان بكركي سيطرتها ومونتها على القوى السياسية المسيحية وهذا ما لا يريده أو يعمل على تجنبه رأس الكنيسة المارونية.

من الواضح أن الراعي حاول في عظة الأحد أن يتنصل من تبني الاجتماع والدعوة إليه، حيث قال: “يتكلمون عن الحوار وعن مبادرة ما من البطريركية”، في حين أن لقاء رؤساء الطوائف المسيحية الذي عقد في بكركي الاسبوع الفائت كلف في بيان صادر عنه البطريرك الراعي بدعوة كل النواب المسيحيين الى إجتماع عام في بكركي وحثهم على إنتخاب رئيس للجمهورية، ومنذ إعلان ذلك، بدأت الشروط تنهال على الراعي سواء لإعداد جدول أعمال وإرساله الى المدعويين، أو إجبار الجميع على الالتزام بالتوصيات التي ستصدر عن الاجتماع وعدم تعطيل جلسة إنتخاب من يتم التوافق عليه.

كما حاول الراعي تعميم المسؤولية، وعدم حصرها بالنواب المسيحيين وإبعاد عنهم تهمة التعطيل، حيث تمنى على جميع القوى السياسية أن “تشارك الكرسي البطريركي المسؤولية بصراحة ووضوح ليكون النجاح حليفنا جميعا”، كما سعى الراعي الى القفز للامام بتوجيه إتهامات للقوى الأخرى، بقوله: “إذا كان رئيس الجمهورية مارونيًّا فالناخبون ليسوا جميعهم موارنة ومسيحيين. وإذا كان جزء من مسؤولية الشغور الرئاسي يتحملها القادة المسيحيون، فالمسؤولية الكبرى تقع على غيرهم. لأن المسيحيين مختلفون على هوية الرئيس بينما الآخرون مختلفون على هوية الجمهورية“.

لا شك في أن الخلافات والانقسامات المسيحية تربك رأس الكنيسة وتؤثر بوضوح على مواقفه التي تتحدث مؤخرا عن الشيء ونقيضه، فالبطريرك الذي وافق على إنعقاد جلسات حكومة تصريف الأعمال لاقرار المراسيم الضرورية بعدما أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن إجتماعها ضروري ولا يستهدف المسيحيين، وذلك خلافا لوجهة نظر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الرافض تماما له، عاد وساير باسيل بالاعلان عن عدم دستورية إجتماع الحكومة.

واليوم، يتبنى البطريرك وجهة نظر القوات بعدم شرعية ودستورية الجلسة التشريعية التي ينوي الرئيس نبيه بري الدعوة إليها، خلافا لوجهة نظر باسيل الذي قد يشارك في الجلسة لأنها تدخل برأيه ضمن تشريع الضرورة.

أمام هذا الواقع، تبدو بكركي في وضع لا يُحسد عليه، فلا هي قادرة على التأثير في الساحة المسيحية لتقريب وجهات النظر، فيما مواقفها باتت تصدر على القطعة فتارة تتماشى مع القوات وطورا تصب في مصلحة التيار، بهدف الحفاظ على حضورها، وعلى بقاء التيارات المسيحية تحت جناحها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal