محاولات لإحياء ثورة 17 تشرين.. هل تنجح؟… غسان ريفي

يبدو أن ثمة قرار قد إتخذ في مكان ما، بإعادة تحريك الشارع اللبناني، أو بالأصح إحياء ثورة 17 تشرين من خلال دفع اللبنانيين الى الساحات والشوارع وقطع الطرقات وخلق الأسباب الموجبة لهم، وذلك بهدف زعزعة الاستقرار الذي يعتبر صمام الأمان الأخير في البلاد، ووضع الأجهزة الأمنية والعسكرية في مواجهة الناس ما قد ينعكس سلبا عليها لا سيما مؤسسة الجيش اللبناني.

منذ فترة والأحداث تتوالى، وكلها تلعب على الغرائز ويشكل فيها الشارع عامل جذب للمواطنين، من تحركات عوائل شهداء المرفأ أمام العدلية والتهديد بتفجيرها ورشق مكاتبها بالحجارة وتكسير زجاجها، الى التوقيف المفاجئ للناشط وليام نون (شقيق الشهيد في مرفأ بيروت جو نون) وما تلا ذلك من عمليات تحشيد وتحريض وشحن طالت الأجهزة الأمنية والقضائية، إضافة الى قطع للطرقات في أكثر من مكان، ورفع الصوت للمطالبة بنزول الناس الى الشوارع والانضمام الى المعتصمين الذين حاولوا إستفزاز عناصر الجيش بكثير من الممارسات ولم يخل الأمر من مواجهات أوحت بأن هناك أمر ما يُدبر لوضع الجيش في وجه المواطنين أو دفعه نحو إشتباك معهم قد يؤدي الى ما لا يُحمد عقباه بهدف الإساءة الى الجيش وقيادته وقائده لأسباب تتعلق بالاستحقاق الرئاسي.

وبالرغم من عدم الافراج عن وليام نون في الليلة ذاتها كما كان يطالب نواب التغيير، وبقائه حتى الرابعة من بعد ظهر اليوم التالي الى حين إنتهاء الاجراءات والآليات القضائية، فإن كل المحاولات التي بذلت والاغراءات التي قُدمت لتحريك الشارع باءت بالفشل، حتى أن وليام نون كان أكثر حكمة من كثير من النواب الذين تناسوا مسؤولياتهم النيابية ودعوا الى قطع كل طرقات لبنان ومواجهة الأمن والقضاء، حيث شكر نون اللواء طوني صليبا والقضاء على التعاطي معه باحترام وتقديم التسهيلات الممكنة التي أفضت الى الافراج عنه..

لم تمر أيام قليلة حتى عاد التحشيد من بوابة مجلس النواب الذي إعتصم داخله النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا، وإشتغل خارجه نواب التغيير على دعوة المواطنين للنزول بكثافة الى ساحة النجمة والاعتصام وقطع الطرقات للضغط على التيارات السياسية لانتخاب رئيس للجمهورية، وقد وصل الأمر بأحد نواب التغيير الى إستجداء اللبنانيين لترك منازلهم والمشاركة في الاعتصام وإذا لم يكن في محيط البرلمان فالتحرك في مناطقهم، إلا أن كل هذه الدعوات لم تلق آذانا صاغية، وكانت التجمعات خجولة جدا ولم ترتق الى مستوى الاعتصام ما دفع بعض المتحمسين من النواب للتغطية على فشل التحركات للانضمام الى زملائهم في الاعتصام داخل قاعة الهيئة العامة.

وجاءت العودة المفاجئة للمحقق العدلي طارق البيطار وإدعائه على اللواء عباس إبراهيم واللواء طوني صليبا وعدد من القضاة، ضمن إطار تحريك الشارع أيضا، خصوصا أن للمدعى عليهم شعبية واسعة، وكان البعض يظن بأن لبنان قد يتحرك برمته إعتراضا على هذا الادعاء إلا أن من خطط لذلك لم يوفق في إحداث الشغب المطلوب.

ويأتي ذلك معطوفا على جنون الدولار الذي يرتفع بشكل غير منطقي وصولا الى الـ55 ألف ليرة وسط دعوات تطلق في كل لبنان من أجل الاحتجاج في الشارع على الأوضاع المعيشية المتردية إلا أن التجاوب كان ضعيفا حيث إقتصرت التحركات على عدد قليل من الشبان قطعوا بعض الطرقات التي ما لبثت أن تم فتحها على وجه السرعة.

كل ذلك، يؤكد أمرين إثنين حتى الآن، الأول، أن هناك جهات تسعى الى إعادة إحياء ثورة 17 تشرين وتحث المواطنين على النزول الى الشارع مجددا بهدف وزعزعة الأمن والاستقرار، ما قد يؤدي الى فلتان أو ضغط على التيارات السياسية لاختيار رئيس في ظل فوضى تجتاح البلاد، والثاني أن اللبنانيين تنصب إهتماماتهم بأمورهم الحياتية ومشاكلهم الاجتماعية، وهم “لن يُلدغوا من الجحر مرتين” بعد أن خُدعوا بشعارات الثورة البراقة التي إنطلقت من أجل فرض رسم ست دولارات على مكالمات الواتساب، ونامت على سرير دولار سار صعودا وصولا الى 55 ألف ليرة من دون أن يحرك أحد ساكنا لا سيما نواب التغيير.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal