ترحيل الملفّات إلى العام المقبل.. الخوف من إطالة أمد الأزمات… عبد الكافي الصمد

لم تخرج الجلسة العاشرة التي عقدها المجلس النيابي يوم أمس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية عن التوقّعات التي كانت مُنتظرة منها؛ فالفشل الذي رافق الجلسات التسع السّابقة كان مرافقاً لجلسة أمس، إذ لم يستطع أيّ مرشّح الحصول على 86 صوتاً من الدورة الأولى، أيّ ثلثي عدد أعضاء المجلس، كما أنّ فقدان نصاب الدورة الثانية قبل تطييرها جعل السيناريو نفسه يتكرر للمرّة العاشرة على التوالي.

وكما كان متوقعاً أيضاً فقد رحّل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عقد جلسات الإنتخابات الرئاسية إلى العام المقبل، من غير أن يُحدّد، كما جرت العادة، موعد الجلسة المقبلة من أجل إفساح المجال أمام مشاورات واتصالات داخلية وخارجية قد تكون نتيجتها توصّل الأطراف المعنية إلى تسوية ما، لا أن تتحوّل الجلسات المقبلة العام المقبل إلى نسخ متكرّرة عن نسخ هذا العام، من حيث كونها جلسات إنتخابية تسودها الهزلية السّياسية وتُعبّر عن فشل الطبقة السّياسية في التوصّل إلى توافق حول الرئيس العتيد.

لكنّ ترحيل الإستحقاق الرئاسي إلى العام المقبل، يعني بكلّ بساطة أنّ جميع الملفات الأخرى قد جرى ترحيلها معه، وتحديداً معالجة الأزمات الإقتصادية والمعيشية التي لن تتمكن حكومة تصريف الأعمال القيام بأكثر من “ترقيع” الحلول لها وإدارتها، وليس معالجتها، في ضوء الفراغ الرئاسي والإنقسام السّياسي العمودي الحاد في البلاد، وأيضاً الإنتخابات البلدية والإختيارية التي بدأ الحديث يدور على نطاق واسع عن إمكان تأجيلها عاماً إضافياً آخر، وتأخير ملفات التعيينات، وإقرار القوانين الملحّة في المجلس النيابي، فضلاً عن جلسات الحوار التي أُجهضت الدعوة إليها في مهدها بسبب رفض قوى وكتل نيابية لها، ما أثار مخاوف حقيقية من أن يكون التوتّر في الشّارع هو البديل عن كل ما سبق من فشل.

هذا الجمود الذي دخله لبنان والذي سيستمر إلى مرحلة ما بعد الأعياد على أقل تقدير، يُخشى أن يطول في ضوء الخلافات والإنقسامات الداخلية، وفي عدم نضوج “الطبخة” الخارجية لانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أنّ تجربة الفراغ السّابقة بعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان عام 2014 كانت طويلة، وهي استمرت أكثر من سنتين ونيف، واستغرقت عقد 45 جلسة للمجلس النيابي قبل التوصل إلى تسوية أنتجت في 31 تشرين الأوّل عام 2016 إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً.

كلّ ذلك فتح الباب واسعاً أمام أسئلة مقلقة عن مصير البلاد خلال الفترة المقبلة، سياسياً وإقتصادياً ومالياً ومعيشياً وإجتماعياً، فضلاً عن السّؤال الأكثر قلقاً وهو مصير البلد بما يتعلق بالوضع الأمني، الذي بات يثير قلقاً واسعاً في ضوء الفلتان المتنقل، والذي ينذر بوضع البلد كلّه في مهبّ العاصفة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal