في عكار الرفاعي عين وزكريا عين.. فمن سيكون المفتي؟… نجلة حمود

يلف الغموض إنتخابات الافتاء المرتقبة يوم الأحد المقبل في محافظة عكار، خصوصا جراء غياب المرجعية السياسية التي لطالما كان لها دور حاسم في تسمية المفتيين في المناطق. وقد حالت الحسابات المناطقية والعائلية طوال السنوات الماضية دون إقدام الرئيس سعد الحريري على الايفاء بوعده وتحديد موعد لاجراء إنتخابات المفتي في عكار، في محاولة لتفادي الاحراج لكون كل الهيئة الناخبة محسوبة عليه، وهو كان يردد باستمرار أمام زواره، “أن الرفاعي عين وزكريا عين”، ويصعب له الاختيار بينهما.  

المفتي السابق أسامة الرفاعي 

لمع اسم المفتي أسامة الرفاعي إبن بلدة ببنين (تم تعيينه في العام 2006 وحتى العام 2011) في عكار بعد الخطاب الشهير في بلدة الكواشرة في العام 2006، حيث أعجب الرئيس سعد الحريري ببلاغته وفصاحته، وأصبح “ملك الكلام والخطاب”، صاحب حظوة لدى الحريري، وأعطاه إمتيازات دون غيره وفتح له “حنفية الخدمات”، ليصبح الرقم الأول في عكار متقدما بذلك على النواب وقيادات المستقبل في المنطقة. سلّف الرفاعي آل الحريري المواقف السياسية والطائفية والمذهبية التي كانت وقود تلك المرحلة، وهو صاحب المقولة الشهيرة “نملك جيشا يبدأ من عكار وينتهي في بيروت”، ردا على ما إعتبره حينها إحتلال بيروت ومحاصرة السراي الحكومي من قبل عناصر حزب الله، وهو ما دفع حينها بالشباب المتحمس للقتال في بيروت فعادوا يجرون ذيول الخيبة، ولم يتوانَ عن تشبيه رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة بالخليفة عثمان بن عفان، داعيا إياه إلى “عدم نزع القميص الذي تقمّصه”. 

مواقف الرفاعي، والخلافات الناتجة عن طبيعة شخصيته، دفعت بالعديد من مشايخ عكار وأئمتها الى رفع كتاب للمفتي قباني في العام 2011 لمطالبته بسحب تكليفه، وهو ما وجد به المفتي قباني حينها حجة إضافية لابعاده تزامنا مع فتور العلاقة مع الرئيس الحريري، فتم سحب التكليف منه. 

يعتمد المفتي الرفاعي على علاقاته والخدمات التي راكمها جراء عمله كمفتي شرعي منذ العام 2008، إضافة الى إتكاله بشكل أساسي على الدعم الذي يقدمه له النائب وليد البعريني والذي يخوض المعركة بكل قوته بوجه إبن بلدته الشيخ زيد زكريا. 

المفتي السابق الشيخ زيد زكريا 

إتسمت ولاية المفتي زيد زكريا (تم تعيينه في العام 2013 وحتى العام 2018) ، بالهدوء والاتزان، بالرغم من المخاطر الأمنية التي لفت تلك المرحلة تزامنا مع الحرب السورية وموجات النزوح الى عكار والارهاب الذي ضرب المنطقة، الا أن الشيخ زيد تميز بحكمته، و”سمعته الطيبة”، بحسب كثر ممن عملوا معه. ونجح في تبديد هواجس كل من حاربوه لحظة تعيينه، وبرهن أنه قادر على إحتواء الأزمات بحكمة وروية. 

لعب دورا هاما في درء الفتنة عن عكار في أكثر من محطة، وإستطاع إمتصاص الغضب يوم مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد إثر إشكال مع الجيش اللبناني، فعمل على إحتواء الحادثة ومنع التعرض لعناصر الجيش والقوى الأمنية. وفي العام 2014 تزامنا مع موجة الارهاب والتكفير وتفريخ الخلايا الارهابية في أكثر من بلدة، إضافة الى حادثة ذبح العسكريين، أول عسكري ذبح (الشهيد علي السيد من بلدة فنيدق)، فكانت مواقف زكريا حاسمة وجازمة اتجاه الحركات الأصولية التكفيرية وأطلق الفتاوى المناهضة لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) التي قامت بدورها بتكفيره وهدر دمه. عمل زكريا مع المرجعيات الروحية في عكار، من مختلف الطوائف وساهم معهم في تأسيس اللقاء الروحي العكاري الذي يعقد إجتماعات دورية ساهمت في منع إنتقال التوتر إثر أحداث جبل محسن والتبانة وارتدادها على قرى وبلدات سهل عكار المتداخلة مذهبيا. 

“صادق وحريص”، صفتان تلازمان، حديث كل من عمل مع الأمين العام لائتلاف الجمعيات الخيرية لإغاثة النازحين السوريين في لبنان، والذي ينشط أيضا، لتوزيع المساعدات العينية على بعض العائلات اللبنانية الفقيرة، إضافة الى المساهمات المالية والاستشفائية. 

يترأس زكريا عددا من المؤسسات التربوية، والخيرية والاغاثية. يتنقل أسبوعياً ليخطب ويحاضر في مختلف المساجد ويحرص على الحضور في كل المناسبات. المتخرج في جامعة الإمام محمد بن سعود، في إمارة رأس الخيمة، يحتفظ بعلاقات طيّبة مع زملاء وصلوا إلى مراكز دينية حسّاسة في الخليج، أهمها في وزارة الأوقاف القطرية، إضافة الى علاقات مميزة مع السعودية والاغتراب وتحديدا المغتربين في أستراليا الذين يقدمون المساعدات لأهلهم في لبنان في ظل الانهيار الحاصل. 

يعتمد زكريا بشكل أساسي على الخدمات التي راكمها طوال السنوات في مختلف القرى والبلدات العكارية، وعلى وفاء الهيئة الناخبة. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal