عكار: عائلات تنتظر جثامين أبنائها لتنعم بالراحة الأبدية… نجلة حمود

لم تمنع الأخبار اليومية عن غرق زوارق المهاجرين وتعطلها في بحر مالطا تجار البشر من الاستمرار في تجارتهم المربحة والتخطيط لاطلاق المزيد من مراكب الموت في البحر. 

هو الشمال المفتوح على طول حدوده على مختلف الجنسيات من فلسطنيين وسوريين ركبوا موجة الهجرة غير الشرعية الى جانب اللبنانيين الذين ضاقت بهم سبل العيش في وطنهم وبين أهلهم.

أصوات الاستغاثة وحكايات الموت لم تقنع الكثير من العائلات التي باعت أملاكها وحزمت أمتعتها للانطلاق خارج لبنان  مستسلمة لاحدى أكبر عمليات الاتجار بالبشر، التجارة مربحة فكيف لها أن تتوقف، 160 شخصا في قارب الموت تقاضى التجار عن كل راكب مبلغ 6 آلاف دولار! الوعود البراقة ما لبث أن تبين زيفها وحتى موتور المركب كان معطلا وعمد الشباب الى إصلاحه بعد حوالي ساعتين على الانطلاق ولم يصمد أكثر من خمس ساعات حتى حلت الفاجعة.

يكاد يوم لا يمر، من دون تناقل خبر توقيف مراكب الهجرة غير الشرعية التي تحاول مغادرة الأراضي اللبنانية عبر البحر قبالة شاطىء العريضة في عكار. فصول المراكب مستمرة، وفصول المآسي تتكرر من دون أن يعتبر الأهالي من القصص اليومية التي يشاهدونها ويسمعونها، فيلقون بأنفسهم وعائلاتهم وأطفالهم في البحر. لم يأخذوا العبرة من مأساة غرق الزورق في طرابلس الذي أدمى قلوب كل اللبنانيين، ولا من تناتش الملف الذي حال لغاية اليوم دون إنتشال الجثث من البحر.

لم يعتبروا من عمليات الكر والفر التي تقوم بها القوى الأمنية على مدار ساعات الليل في محاولة لتوقيف المهربين، فيستمرون في التخطيط للهرب وتمكنوا فجر يوم الثلاثاء من الانطلاق من شاطئ المنية وما هي الا ساعات قليلة حتى إستشعروا الخطر نتيجة الحالة المرثية للمركب وبدأوا بحسب رواية الناجين من داخل مستشفى الباسل في سوريا بالطلب من سائق المركب العودة الى لبنان مؤكدين أنهم لا يريدون أموالهم ولكن فقط العودة، ولكنه لم يستجب كما تسبب تعطل المركب والأمواج العاتية بانقلابه فغرق فورا من لم يرتدوا السترة الواقية.

فجعت محافظة عكار يوم أمس بوفاة أربعة أطفال ووالدتهم من عائلة التلاوي بينما تمكن الوالد وسام التلاوي من النجاة، وجرى تشييع ثلاثة أطفال والبحث جار للتعرف على جثة الام والطفلة الأصغر، كما احتضنت بلدة برقايل جثامين أربعة شبان بناء لرغبة والدتهم ماريا خالد فياض التي تتلقى العلاج في ألمانيا، على أمل أن يتم العثور على جثمان الوالد وشابين آخرين.

وفي التفاصيل التي رواها الناجون أنهم بقوا في المياه منذ فجر الثلاثاء وحتى عصر الخميس، حين عثر على جثة شاب في ميناء جزيرة أرواد السورية، لتبدأ بعدها جثث الضحايا بالظهور، وأكد عدد من الأهالي الذين توافدوا الى سوريا للاطمئنان الى أبنائهم أو التعرف على الجثامين أنه يصعب جدا التعرف عليهم بسبب إنتفاخ وتحلل بعض الجثث كما أن معظم المهاجرين لا يملكون أوراقا ثبوتية وهم بغالبيتهم من الفلسطنيين القاطنين في مخيم البارد إضافة الى عدد كبير من السوريين.

ووفقا لبيان قيادة الجيش فقد أوقف الجيش في طرابلس ـــ الميناء كلاً من المواطنين: (أ. ر.)، (م. ر.)، (م. م.) و(م. غ. م.) لـ”وجود سوابق لهم في عمليات التهريب ولمحاولتهم شراء مركب للقيام لاحقاً بعملية تهريب أشخاص عبر البحر بطريقة غير شرعية وضُبط بحوزتهم مسدسٌ حربي”. 

كما أوقف في محلة دير عمار المواطنين (ع. ر.)، (م. ع.)، (ب. ع.)، (خ. ع.) لـ”الاشتباه بقيامهم بأعمال التهريب عبر البحر ومراقبة دوريات القوات البحرية”.

التوقيفات لم تخفف من حجم الكارثة، إذ بات معلوما أن هناك شبكات تعمل بسرية تامة على إقناع المواطنين بالمغادرة وتغدق الوعود التي سرعان ما يتضح أنها كاذبة، والأهم هو تعاون المهاجرين الناجين للكشف عنهم.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal