الفيول الإيراني… أم حصان طروادة؟… شفيق ملك

الأحداث المتسارعة في الساحة اللبنانية، تتزامن مع أزمة انقطاع المياه بسبب عدم القدرة على تزويد مضخات المياه بالطاقة.

الأمر الذي استدعى مبادرة سريعة ومن خارج لبنان ومن مدينة نيويورك تحديداً، تدخل دولة الرئيس نجيب ميقاتي وأمّن بالإضافة إلى جهود آخرين، استمرارية تشغيل مضخات المياه في طرابلس.

لم يكتف دولته وزفّ إلى المواطن اللبناني أمور أخرى هامة:

أولاً: تفاؤل في إنعاش تشكيل الحكومة، كاملة الأوصاف.

ثانياً: ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل نضج وفي مراحله الأخيرة.

ثالثاً: التزام لبنان بالقرارات الدولية.

رابعاً: الالتزام بما جاء به مؤتمر الطائف، وعدم المسّ بالدستور اللبناني.

تفاؤل نأمل أن يحدث تغييراً جوهرياً في الوضع الراهن والسائد في المجتمع اللبناني، لما يدور فعلياً في الساحات المشتعلة في كل مكان.

نبدأها من أزمة الرغيف إلى أزمة الفيول حديث الساعة.

ننتقل إلى أزمة البنوك الملتبسة والتي أقفلت أبوابها منذ أيام خوفاً من ثورة الجياع وحقوق المودعين لديها.

بدء موسم الدراسة المتقلّب (المدارس والجامعات)، لا تنسى مطالب المدرّسين والأساتذة الجامعيين التي لم ترتق إلى حلّ نهائي.

الدولار الأمريكي يقارب سقف الأربعين ألف ليرة لبنانية، دون تدخّل البنك المركزي. إلى أين نحن ذاهبون…؟

إضراب القضاة وما آل إليه من اقتراح وزير العدل لحكومة تصريف الأعمال، لتعيين قاض رديف ينظر في ملف الموقوفين للإفراج عن كل بريء. استمرار توقف أعمال المحقق العدلي طارق البيطار في قضية انفجار مرفأ بيروت الذي شارف دخوله على السنة الثالثة من دون إعلان القرار الظني.

دخول السائحون العرب من الأخوة العراقيين دون تأشيرات دخول، بأعداد كبيرة مع غياب الرقابة المطلوبة.

ممّا يزيد تأزّماً للداخل اللبناني إلى عدد النازحين السوريين المنتشرين في كافة الأراضي اللبنانية منذ اندلاع الثورة في سوريا الشقيقة.

نتيجته عدم تحمّل البنية التحتية وشبكة الخدمات، إلى زيادة جوّ الفوضى الأمنية في كافة المناطق والذي برز حديثاً وفي ازدياد ملحوظ ممّا يدعو إلى الريبة والحذر.

ملف النزوح السوري يجب أن يكون على رأس الأولويات لدى الدولة والمجتمع الدولي، وهذا يستدعي استنفار القوى الأمنية المختلفة ووحدات الجيش اللبناني، وجميعها يقف إلى جانب الشعب كله الذي يصارع الضيق المعيشي والاقتصادي على السّواء.

ناهيك أن هذه القوى لديها مسؤوليات أسمى وأهّم، أولها الأمن القومي في لبنان من جنوبه إلى شماله وساحله إلى شرقه، بما فيه ضبط التهريب خارج الحدود.

أمور سياسية أخرى متعدّدة، الشغل الشاغل للحكومة المستقيلة، أبرزها الموازنة المالية لعام 2022، وتحضير الموازنة 2023، لطرحهما في المجلس النيابي، ولم نر نتائج بعد.

ألا يندرج هروب بعض المهاجرين اللبنانيين من منطقة الشمال، على قوارب الموت خارج لبنان باتجاه الساحل الأوروبي، تحت ضبط الحدود اللبنانية؟ آخره قارب الموت أمام الساحل السوري.

ألا ترون الصورة الحقيقية المعاكسة لهذا الحدث؟

نزوح إلى لبنان من جنسيات أخرى، يقابله هجرة لبنانية قسرية، بسبب تدني الوضع المعيشي الإنساني، الاقتصادي وفقدان الأمل.

نداء عاجل إلى الحكومة والمجتمع الدولي بوضع حد لهذه الظاهرة.

زيارة الوفد لصندوق النقد الدولي (IMF) إلى لبنان، لم تكن مثمرة كما هو متوقعاً، بسبب عدم الإصلاح المالي.

محاربة الفساد المستشري في جسم الدولة المتهالكة، الإصلاحات المالية الشاملة في القطاعات الحكومية أهمّها قطاع الطاقة.

الاستحقاق الرئاسي الذي أطلّ على المجلس النيابي الجديد وتاريخ لم يحدّد بعد لانتخاب رئيس للجمهورية، سيادي، إصلاحي ودستوري، بانتظار الحدّ الأدنى من التوافق.

وفيما يدور داخل الحدود اللبنانية أحداث مختلفة، تتصارع في الخارج محاور الإقليم، وما يحدث من تجاذبات عند كل قطر، وحروب بالوكالة هنا وهناك تزيد من مشاكل لبنان الداخلية، وانعكاساتها على الساحة اللبنانية، لتندرج في الوضع اللبناني، بدون دعوة وكأنها وليدته.

لننظر ما يحدث في العمق السوري، إسرائيل تضرب مدارج المطارات ومخازن الأسلحة في سوريا، مستهدفة إيران وأذرعها قاطبة دون تمييز.

قوات النمر القتالية في سوريا تنخرط في حرب أوكرانيا. جميع القوى العسكرية المتواجدة في سوريا تتجنب الرد العسكري.

عشرات القتلى والاحتجاجات الشعبية تتسّع في إيران منذ أيام، بسبب مقتل الشابة الإيرانية (22 سنة) على يد الشرطة.

روسيا لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية تعلن التعبئة الجزئية العسكرية، عدد مقاتليها يلامس إلى 300.000   مقاتل وبتكلفة باهظة تصل إلى واحد بليون دولار أمريكي شهرياً.

هروب ملحوظ من شباب الروس إلى خارج روسيا هرباً من التجنيد.

ما يجري في كل هذه الساحات، والتطورات الجديدة، يزيد من ارتفاع مؤشّر الغلو في الاقتتال وشن الحروب ولو لفترات متقطعة وقصيرة الأمد.

مقاربة لقانون قيصر، الذي اعتمدته الإدارة الأمريكية ودخل حيز التنفيذ يوم 17 حزيران 2020 ينص على فرض عقوبات على الحكومة السورية والدول التي تدعمها، مثل إيران وروسيا لمدة 10 سنوات.

في مجالات الطاقة والهندسة والأعمال والنقل الجوي.

هدفه هو أبعد من الحليف المباشر، إلى أذرع إيران في المنطقة.

وتجريد كل من إيران وروسيا من نفوذها في المنطقة.

وبالعودة إلى ملف الفيول والهبة الإيرانية تمّ الحصول على نتائج الاختبارات المخبرية، بأن الفيول الإيراني هو من درجة (Grade B) والذي لا يتطابق مع ما هو مطلوب من المعامل الكهربائية في دير عمار والجية.

ويحتاج إلى خطوة إضافية وبالتالي إلى وقت إضافي وهي (SWAP).

كمية هبة الفيول الإيراني هي (600,000 tons) توزع على 5 أشهر، لم يتم بعد معرفة عدد الساعات التي تستطيع تغذية الشبكة منها وكما صرح الوزير حتى الآن الموضوع تحت الدرس والمتابعة.

وبالاطلاع على عدد من التصريحات الرسمية لا يوجد تأكيد على أن هذا الفيول، خارج نطاق تأثير قانون قيصر ولو كان مجاناً.

من هذا المنطلق بالذات، ولحساسية الوضع اللبناني في ملف الترسيم وغيره من الملفات العالقة، لا ينصح بتاتاً المغامرة في قبول هذه الهدية وكأنها مغلّفة بألغام غير مرئية.

عاش لبنان حراً سيداً مستقلاً

 

الكاتب: المهندس شفيق ملك


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal